عبد المالك حمروش مدير عام
عدد المساهمات : 387 تاريخ التسجيل : 14/04/2013 العمر : 40
| موضوع: حوار متصور مع مالك بن نبي /ماهر سقا أميني السبت نوفمبر 23, 2013 1:07 am | |
| حوار متصور مع مالك بن نبي /ماهر سقا أميني الرسالة السماوية الفكرة النموذجية للمجتمع العربي – سيدي ذكرتم أنه في الحال التي تتشوه فيها الأفكار وتخون الأفكار الموضوعة الأفكار المطبوعة نكون على أبواب الفوضى والتدهور، هل لكم أن تحدثونا عن ذلك؟ – نعم، عندها تموت الأفكار تاركة العقول فارغةً، وحتى اللغات تستسلم للعجز. فالطفل من دون أفكار يعبر بطريقةٍ بدائيةٍ بالحركة أو بالصوت . والمجتمع الذي يقع في مثل تلك الطفولية يكشف عن ظواهر غريبة من التعويض عن افتقاره إلى الأفكار . إنه محكوم بالتعويض عنها خصوصاً في نشاطاته الذهنية ببدائل فكرية .
وتظهر هنا الحركة التي تكمل الجملة الناقصة؛ لأن صاحبها لا يستطيع أن يكملها . فحين لا توجد الأفكار لا توجد الكلمات .
لقد أوضح هذه الحقيقة (بوالو) الناقد الكبير في كتاب (الفن الشعري): “ما نفهمه جيداً نعبر عنه بوضوح، وتأتي الكلمات لتقوله بسهولة” فعدم التماسك تبدو علاماته حينما تنعدم الأفكار . حينئذ يأتي الصوت ليعلو كيما يحلّ محل حجة افتقدت، ويبرز التصنع البلاغي في الأدب : الإفراط في أدوات التفضيل، التشدق بالأوصاف، مثل عبارة (الشعب البطل) في دستورٍ لإحدى البلاد العربية، وكما وردت في إحدى صحف الدولة ذاتها صورة شخصٍ لا ندري كيف اندس بين الناس، وتحتها العبارة العجيبة التالية : (أحد عمالقة الثورة) .
إذاً فكثرة الكلام تدل على ضحالة الفكر، وهذا كثير في أيامنا، إضافة إلى كل أشكال الضوضاء البشرية، ثم المبالغات والإثارة وعدم التحديد والوضوح، وهذه أعراض المعاوضة الطفلية المتقهقرة عن الفكر الغني الواضح .
الخلاصة إنه حشو حيث كل كلمة تلقي ظلالاً من الغموض على الموضوع بدلاً من أن تجليه . فعندما يسيطر التشويش وانعدام التماسك على عالم الأفكار تظهر علاماتهما في أبسط الأعمال .
- سيدي هل لكم أن توضحوا لنا المقصود تماما بالأفكار المطبوعة؟ هذه الأفكار النموذجية التي قلتم إنها تميز مجتمعا ما، وإن خيانتها تؤدي الى التدهور والتلاشي .
- إن عالم الأفكار أسطوانة يحملها الفرد في نفسه عند ولادته . وتختلف هذه الأسطوانة من مجتمع إلى آخر ببعض النغمات الأساسية، إن أسطوانة كل مجتمع مطبوعة بطريقة تختلف عن أسطوانة مجتمع آخر، وتتناغم الأجيال والأفراد مع سلّمها الأساسي وهم يضيفون إليه أنغامهم الخاصة بهم، فعالم الأفكار أسطوانة لها أنغامها الأساسية ونماذحها المثالية، وهي الأفكار المطبوعة، ولها أيضاً توافقاتها الخاصة بالأفراد والأجيال : وهي الأفكار الموضوعة .
- هذا سيدي شبيه بالقول إن لكل حضارة فضاء فكرياً معيناً تستمد منه الأفكار الرئيسة .
- نعم، يقول علم الطبيعة (الفيزياء) : إن العلاقة بين التذبذب الأساسي وتوافقه الموسيقي تكمن في أن هذا الأخير يختفي فور توقف الأول عن التذبذب .
والأمر نفسه في العلاقة بين الأفكار المطبوعة والأفكار الموضوعة . فعندما تبدأ الأفكار المطبوعة تنمحي عن أسطوانة حضارة يخرج منها في البداية نشاز النغم ! صفير، وحشرجة، ثم الصمت أخيراً .
- سيدي هل لك أن تشرح هذا بمثال؟
- لقد تلقى المجتمع الإسلامي رسالته المطبوعة منذ أربعة عشر قرناً على هيئة وحي، فانطبعت في ذاتية الجيل المعاصر لغار حراء الذي أسمع العالم السمفونية البطولية (لدين الرجال) كما يدعو (نيتشه) الإسلام، فالأفكار المطبوعة على تلك الأسطوانة أثارت العواصف في التاريخ الإنساني منذ أربعة عشر قرناً . فهي في البداية قلبت رأساً على عقب وسطاً بدائياً فوضعت طاقته الحيوية في حدود حضارة، وجعلتها تستجيب لقواعدها وأصولها، ولنظامها الصارم .
- سيدي يذكرني ذلك بقولك: لقد كانت لحظة (أرخميدس) التي عاشتها الجزيرة العربية عندما تلقت الرسالة لحظة لا مثيل لها في العظمة . http://assala-dz.net/ar/?p=682 | |
|