الفكرة الدينية
الندوة الثانية: الفكر البشري والدين:
الفكر البشري والدين:
جاء الدين ليعطي الاجابات الماورائية الصحيحة , ليس فقط من جانب تعبدي بل من جانب معرفي يصطبغ بالصبغة العلمية من الوجه الدينية وهو ما يعرف بعلم اليقين كمرحلة من مراحل الحقيقة اليقينية
ليعيد تشكل الفكر البشري, ويجعله مسئول مسؤولية مباشرة وكاملة عن الاجابات المادية , أما الاجابات الماورائية فهي نوعان :
النوع الأول هي اجابات مادية لم تكشف بعد ,لذلك أضفى لها الفكر البشري صبغة ما ورائية مثل ظاهرة الكسوف والخسوف والبرق والرعد وسقوط الأمطار والزلازل والبراكين وغيرها كثير من ظواهر طبيعية تكفل العلم بالإجابة عنها مع تطور الفكر البشري وجدير بالذكر عند التكلم عن ظاهرة الكسوف والخسوف أن نشير أن الناس كانوا يعتقدون كما في الصين قديما أن الشمس عندما تنكسف كأن هنالك تِنِّيناً ابتلع هذا الشمس فكان يضربون على الطبول، ويقذفون بالأسهم إلى السماء لإخافة هذا التنين، ثم يقولون إن هذا التنين خاف وقذف بالشمس وهرب، وكان بعض الناس يعتقد أن الشمس إذا انكسفت فهذا يدل على أن هنالك حدثاً عظيماً سيحدث، لأنهم كانوا يربطون الشمس بالآلهة. هذه المعتقدات كانت بالنسبة لذلك الزمن معتقدات يقينية، عكسنا نحن اليوم ننظر إليها على أنها مجرد أساطير.
وعندما جاء الناس إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وقالوا لقد انكسفت الشمس بسبب وفاة إبراهيم، فان الرسول صلى الله عليه وسلم لم يوظف الحدث الطبيعي لخدمة رسالته بل صحح لهم تفسيرهم الماورائي بتفسير العقل العلمي المناسب لزمنه حيث قال لهم : (إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله تبارك وتعالى لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته) حديث صحيح رواه البخاري و مسلم
أما النوع الثاني فهي اجابات ما ورائية بحتة , يرى الدين أن الاجابة الصحيحة لها هي ما يقدمها الدين فقط ,وليس في مقدور الفكر البشري تحري الصحة في الاجابة المقدمة ان لم تكن دينية وان لقبها الفكر البشري بأساطير الأولين كما جاء على لسان المعارضين لرسالة محمد صلى الله عليه وسلم :
وَمِنْهُمْ مَّن يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ وَفِيۤ ءَاذَانِهِمْ وَقْراً وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ ءَايَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوكَ يُجَٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَٰطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ"(الانعام 25)
وَإِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُواْ قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَآءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَـٰذَا إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ"(الانفال 31)
"(النحل 24) وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ مَّاذَآ أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُواْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ
لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَآؤُنَا هَـٰذَا مِن قَبْلُ إِنْ هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ"(المؤمنون 83)(النمل 68)
"(الفرقان 5) وَقَالُوۤاْ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ ٱكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَىٰ عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلاً
وَٱلَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَّكُمَآ أَتَعِدَانِنِيۤ أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ ٱلْقُرُونُ مِن قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ ٱللَّهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هَـٰذَآ إِلاَّ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ"(الاحقاف 9)
إِذَا تُتْلَىٰ عَلَيْهِ آيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ ٱلأَوَّلِينَ"(القلم 15)(المطففين 13)
أما الدين فقد اطلق عليها تسمية علم اليقين في قوله تعالى :"كلا لو تعلمون علم اليقين"(التكاثر5 )
وان كان العقل العلمي يراهن على الاجابة عليها مع عجزه في الوقت الراهن عن الاجابة فهو يراهن على التطور العلمي ,مستدلا على ان الاجابات التي قدمها خلال مئة سنة الاخيرة دحضة اجابات ما ورائية كانت هي التفسير الأوحد منذ قرون
ان التحجج بأن العلم يملك كافة الاجابات لأسئلة العقل الطبيعية وما وراء الطبيعية هو فكر اقصائي يعمل على تقديس العلم و الغاء أو تحييد الدين ,كما أن التحجج بأن الدين يملك كافة الاجابات والحلول للإشكالات المادية وما وراء المادية هو تقديس زائف يتستر على فكر أحادي اقصائي فلا الدين بإمكانه ان يحل محل العلم في مجالاته واختصاصه وميدانه ,ولا العلم في امكانه أن يلغي الدين و يتبؤ مكانه , وعلى الفكر البشري مزاوجة بين الدين والعلم لأجل الوصول للإجابات الصحيحة الطبيعية و الماورائية دون الخلط بينهما
صحيح أن العقل العلمي يرى بريبة للدين ,لأن الدين في مرحلة ما اقتحم مجال الاجابات الطبيعية وأثبت التطور العلمي خطئها ,خصوصا بعد أن اضطهدت الكنيسة العلماء والفلاسفة والمفكرين باسم الدين وقتلتهم بدعوى الهرطقة والشعوذة , لكن وجب علينا التفريق بين الدين واستغلال الدين واحتكار التكلم باسمه لأجل السيطرة والنفوذ .
https://www.facebook.com/groups/609800925700804/792840967396798/?comment_id=792875654059996¬if_t=like