منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر

مالك بن نبي مفكر جزائري عالمي معاصر تمكن بدافع حماسه الإيماني العميق وبفضل تمكنه من المنهج العلمي المعاصر من تشخثص مشكلات الحضارة الإسلامية خاصة ووضع الحلول المناسبة لها ..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24) مكرر

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
مدير عام
مدير عام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 387
تاريخ التسجيل : 14/04/2013
العمر : 40

القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)  مكرر Empty
مُساهمةموضوع: القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24) مكرر   القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)  مكرر Emptyالأحد يوليو 20, 2014 12:55 pm

الوحدة التاريخية في سياق الوحدة الكمية للوحي (تابع)

توقفنا في الجلسة الماضية قبل نهاية ص 186 لضرورة مراعاة تسلسل الأفكار فلنكمل هذه الصفحة أولا ثم ننتقل إلى ص 187 الموالية وقد نتجاوزها إن سمح الوقت واقتضى السياق ذلك

متابعة موضوع الوحدة الكمية للوحي التي هي إحدى خاصيتين له عند مالك بن نبي حيث إن الخاصية الأولى هي التنجيم فيكون موضوعنا هذه السهرة:

الوحدة التاريخية في سياق الوحدة الكمية للوحي (تابع)

في نهاية ص 186 يذكر مالك بن نبي أن الفكرة الرئيسية لهذه الآية الكريمة هي (أن يعلن غدر المنافقين وأن يكذبهم في مقالتهم) أي الوحي
وبهذا يكون ترتيب أفكار الآية هكذا: نهاية ص 186

في بداية ص 187 ذكر مالك بن نبي هذا الترتيب لأفكار الآية على أساس موضوعي :
(1) [إذا جاءك المنافقون
(2) قالوا نشهد إنك لرسول الله
(3) والله يعلم إنك لرسوله
(4) والله يشهد إن المنافقين لكاذب
بهذا الترتيب يقول مالك بن نبي تصبح الآية كاملة بالنظر إلى التركيب اللغوي العربي
لكنه يضيف فيما عدا القلب الذي طرأ على الجملتين (3) و (4)
ربما يرى أن الرابعة أسبق لغويا من الثالثة أو منطقيا أيضا .. سنرى ذلك
يقول لنردها إلى ترتيبها الطبيعي ولا ندري حتى الآن إن كان الترتيب الأول مخالفا للطبيعة أم أنها هي التي اقتضته على هذه الصورة وسيتضح ذلك حتما فيما بعد
يقول ومع ذلك نلاحظ أن الآية في ترتيبها الجديد ربما الذي قام به هو تتعرض إلى نقد في الصميم
حيث تكون برهانا خطيرا ضد القيمة العلوية للوحي
وذلك لأن معنى الفقرة (4) أصبح كله قد أصبح في الترتيب الجديد تكذيبا, لا لغدر المنافقين, بل لإقرارهم وشهادتهم بأنه رسول الله
ثم يصرح مالك بن نبي أن في الترتيب القرآني للأفكار دقة مذهلة وكأنه بذلك يناقض تحليله السابق للفقرتين وخاصة منها الفقرة الرابعة .. لكن لنتابع
يبرر قائلا لأن الفقرة (3) التابعة تؤكد أولا صحة رسالة النبي "وهو ما شهد به المنافقون" قبل أن يعلن الوحي كذبهم في الفقرة (4) الرئيسية
وهنا يظهر بيت القصيد في استنتاج مالك بن نبي الذي مفاده أن (هذا الترتيب الدقيق الذي يتميز بالعمق واليقظة البالغة يتنافى - كما يجب أن نكرر - مع الظروف النفسية والزمنية التي تبرق فيها "الوحدة الكمية" للقرآن, حتى كأنما هي ومضة خاطفة.)
تابع مالك بن نبي استنتاجاته المنطقية من هذا التحليل للآية الكريمة فيلاحظ أن الدقة البالغة في ترتيب الآيات تتنافي أيضا مع الإرتجال والتلقائية لأسلوب القرآن الكريم, الذي هو من الناحية الشكلية عرضا شفويا هو عادة لا تحظى فيه الفكرة بالزمن المادي الكافي للدقة المنطقية التي تكون في الخطاب المكتوب.
فالإنسان عندما يتحدث ليس لديه الوقت -كما يقول- لإدارة لسانه في فمه سبع مرات, والأسلوب الخطابي عامة معرض لزلات اللسان, لكنه عندما يكتب لديه الوقت الكافي لغمس القلم في الدواة سبع مرات, وبالتالي يكون لدى الكاتب من الوقت ما يكفي لتجنب الأخطاء الفكرية والمنطقية واللغوية والأسلوبية وغيرها (نهاية ص 187).
في ص 188
يختم مالك بن نبي هذا الموضوع أو الاستشهاد بالآية الكريمة كمثل على الوحدة الكمية قائلا: (فبحث الوحدة الكمية, تلك الومضة الخاطفة من الوحي, يبرز في آيات القرآن دلائل ترتيب وتفكير وإرادةـ نعجز عن تفسيرها في حدود المعلومات التاريخية, والنفسية, التي أثبتناها للذات المحمدية.)
___________________
هذه الآية الكريمة التي اتخذ منها مالك بن نبي مثالا للتوضيح والبرهنة انتهى منها إلى أن الدقة المتناهية للوحي ترتيبا وتفكيرا وإرادة لا يمكن تبريرها بالأحداث التاريخية ولا الحالة النفسية للرسول مهما كانت ممتازة في طبيعتها البشرية فالأمر يتجاوز بكثير كل هذه المعطيات ولا تفسير له غير أن المصدر رباني والقرآن موحى به والمتلقي رسول مبعوث للعالمين بهذا الوحي المحكم الذي يفوق طاقة البشر ومن هنا تسقط كل المزاعم والادعاءات للدارسين الغربيين وأتباعهم ويحسم الأمر نهائيا وتخرس الألسنة الضالة المضللة إلى أبد الآبدين.
__________________________________________________________________________________________________

الصورة الأدبية للقرآن

تحت هذا العنوان ينطلق مالك بن نبي في تحليله في الصفحة 189 من كتاب الظاهرة القرآنية
الجانب الأدبي للرسالة يقول المؤلف الذي كان هو الموضوع الأول لاهتمام المفسرين التقليديين يفقد أهميته شيئا فشيئا في عصرنا العلمي هذا
هذا العصر الذي يهتم بالعلم أكثر من اهتمامه بالأدب(1)
ثم يذكر مالك بن نبي حقيقتين في هذا السياق هما: أننا لم نعد قادرين على التمكن من تلك اللغة الراقية للعصر الجاهلي .. وأيضا وجود ذلك التحدي في القرآن بالإعجاز اللغوي والبلاغي له حتى أنه يتحدى أولئك الفصحاء أن يأتوا بآية واحدة من آياته البينات أو بسورة مماثلة لسور القرآن الكريم .. ويستشهد على هذا بالآية الكريمة:
(وإن كنتم في ريب مما نزلنا فأتوا بصورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين) [البقرة 23/2]
ويعقب المؤلف على ذلك بأن التاريخ لم يشهد إجابة واحدة على هذا التحدي حيث إن إعجازه الأدبي أفحم عبقرية ذلك العصر في هذا المجال حيث اشتهر العرب من بين الأمم بالفصاحة.
لكن يقول مالك بن نبي أن لديه طرقا خاصة لإصدار أحكام في هذا السياق هي: أن النفس البدوية طروب في جوهرها "وجميع مطامحها وانفعالاتها واندفعاتها إنما تتجلى في تعبيرموسيقي موزون هو بيت الشعر الذي يكون مقياسه [نهاية ص 189] خطوة الجمل السريعة أو الطويلة, وعلم العروض في جوهره بدوي, إذن فصورة العبقرية البدوية قد انطبعت في الشعر.)
بعد هذا يصف مالك بن نبي وصفا رائعا مضمون اللغة العربية الجميلة ويطلق عليها صفات أهمها تردد صهيل الخيل فيها وقعقعة السيوف "الهندية" وقصف صيحات الحرب الصادرة عن فتيان معبرة عن الحماسة الأسطورية التي بطلها (عنترة) أو النشوة الشعرية كما هي لدى فتاها (امرؤ القيس).
ثم يتحدث مالك بن نبي عن خصائص لغة العرب الجميلة في شغف كبير حيث أن المجاز فيها يستمد عناصره من سماء صافية وصحراء بلا حدود تعبرها القطا "أو تثب خلالها الآرام" ثم يضيف قائلا عن محتواها الفكري: (فهي لا تعبر عن أية حيرة روحية, أو متافيزيقية, وهي تجهل دقائق المنطق, وتجريد الفكر الفلسفي أو العلمي أو الديني.)
فثروتها اللفظية هي تلك المعبرة عن الحاجات الداخلية أو الخارجية لبدوي وليس مثيلاتها لدى حضري.
ثم يضيف مالك بن نبي في وصف دقيق موجز للغة العرب الجميلة قائلا: (تلك هي الخصائص العامة لهذه اللغة الجاهلية الوثنية المترحلة البرية, التي سيطويها القرآن بعبقريته الخاصة كيما يعبر عن فكرة عالمية.)
هذا القرآن الذي سيختار للتعبير عن هذه الفكرة العالمية الجديدة صورة هي (الجملة) حيث تقصي الآية القرآنية ناحية شعر البادية وتبقي على نسقه فلم تزد على أن تحررت من الوزن فاتسع مجالها.
ثم يسجل مالك بن نبي شهادات تاريخية على التأثير الغلاب للآيات القرآنية على النفس البدوية, فبفعل هذا التأثير السحري دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الإسلام كما عبر الولبد بن المغيرة وهو قمة في الفصاحة والتعبير الأدبي عن رأيه في (نهاية ص 190) روعة لغة القرآن قائلا: (والله لقد سمعت كلاما ما هو من كلام الإنس, ولا من كلام الجن, وإن له لحلاوة, وإن عليه لطلاوة, وإن أعلاه لمثمر, وإن أسفله لمغدق, وإنه يعلو ولا يعلى عليه.) .. نتوقف هنا بعد هذه الفقرة من ص 191 لنستأنف الموضوع في جلستنا الفكرية المقبلة وأملنا أن يكون الاهتمام كافيا بهذه الحلقة ذات المنحى الأدبي الجميل في القرآن الكريم كما صور ذلك العبقري مالك بن نبي على أن تلك هي المعجزة في ذلك الزمان بدليل إسلام عمر وما أدراك ما ابن الخطاب بفعل جمال التعبير القرآني كما تأثر به إلى أبعد الحدود هذا الذواقة لكلام العرب وأدبهم الوليد بن المغيرة. ولو أن مالك بن نبي لم يذكر بصفة مباشرة رده هنا على تخرسات المستشرقين والمفكرين العنصريين الغربيين الاستعماريين وأتباعهم وأعوانهم العرب والمسلمين ومنهم طه حسين بكتابه الخادم لمزاعمهم الباطلة "في  الشعر الجاهلي" إلا أن ما قدمه هنا أي مالك بن نبي بشأن اللغة والأدب العربيين غني عن البيان ولقد أبلى فيه البلاء الحسن وضرب الخصم ضربة قاضية لن تقوم له بعدها قائمة كما يفعل كل مرة عندما يقدم دليلا جديدا قاطعا وبرهانا آخر ساطعا وحجة مضافة دامغة فلله درك يا مالك بن نبي يا حجة الإسلام المعاصرة.
_______________________________
(1) ذكرنا أسباب ذلك في المدخل
____________________________________________________________________________________________

الصورة الأدبية للقرآن (تابع)
كنا توقفنا عند وصف وليد بن المغيرة لبلاغة - وهو والد خالد بن الوليد رغم أنه مات مشركا - القرآن الكريم وإعجازه البياني مع العلم أن الوليد هذا من أفصح العرب في ذلك الزمان, جاءت تلك  الشهادة التي ذكرها المؤلف في الفقرة الأولى من ص 191 ومن هناك نبدأ حديثنا في هذه الجلسة ..
يذكر مالك أن قول المغيرة هذا جاء ردا على أبي جهل عندما سأله رأيه فيما سمع من محمد (ص) ثم يصرح مالك بن نبي بحكم في لغة العرب التي لم تتجاوز في تلك الظروف قبل نزول الوحي الجمال اللغوي وسحر البيان أو كما قال لم تعبرسوى عن ذكاء بدو الصحراء, مضيفا أنها في حاجة إلى إثراء لتستطع التعبير عن المستجدات المرافقة للوحي أو الحاجات التي لم تكن مطروحة قبله لكي تشبع رغبات عقل واجهته تحديات جديدة هي: (المشاكل الغيبية والشرعية والاجتماعية بل العلمية أيضا.) يقول مالك بن نبي.
ويلاحظ مالك بن نبي على هذه الواقعة الفريدة في تاريخ اللغات بأنه لا توجد لغة من اللغات تعرضت كما تعرضت له اللغة العربية من تطور ثوري مفاجئ وليس التطور التدريجي الذي عرفته اللغات الأخرى وهذا لأن الظاهرة القرآنية كانت أيضا مفاجئة فكان لا بد من التعبير عنها مما يقتضي تطورا لغويا سبريعا ومفاجئا وثوريا وهو ما وقع بالفعل للغة العربية بمناسبة نزول الوحي وبسبه.
يعتبر مالك أن هذا التطور الثوري المفاجئ للغة العربية بسبب ظهور الظاهرة القرآنية الثورية المفاجئة أيضا هو تطور وقع بطريقة الطفرة: (وبهذا تكون اللغة العربية قد مرت طفرة من المرحلة اللهجية الجاهلية إلى لغة منظمة فنيا, لكي تنقل فكرة الثقافة الجديدة والحضارة الوليدة.)
ثم يوجه مالك بن نبي نقدا إلى من سماهم بعض المفسرين لذهابهم إلى أن القرآن لم يستخدم أبدا ألفاظا أجنبية عن لهجة الحجاز, ينفي مالك ذلك قائلا: (مع أنه من البين أن في القرآن ألفاظا جديدة.) ويضرب مثلا على ذلك خاصة كما قال بتلك الألفاظ الأرامية التي استخدمها للتعبير عن مفاهيم توحيدية جديدة من الناحية النوعية, (كلفظ "ملكوت", والأسماء الخاصة مثل "جالوت" و "هاروت" و "ماروت", فمن وجهة الدراسات اللغوية يبدو القرآن وكأنما استحضر ثروته اللفظية الخاصة, وأنشأها إنشاء بطريقة فجائية وغريبة.
ويستنتج المؤلف كون هذه الظاهرة قد أحدثت فصلا تاما من الوجهتين الأدبية واللغوية بين اللغتين الجاهلية والإسلامية.إذن يرى المؤلف أن هناك الآن بعد نزول الوحي لغتان منفصلتان تماما.
ثم يلاحظ مالك أن هذه النتيجة لاينقص من شأنها ما سماه الفرض الباطل لـ"مرجليوث" المستشرق, مضيفا أن الجدال في هذه المسألة قد انتهى في مصر.(نهاية ص 191).
نتيجة ما قام به الرافعي ومدرسته من دراسات, فلم يعد (لفرض) هذا العالم الإنكليزي وجود سوى في بعض الدراسات المغرضة. نتوقف هنا عند نهاية الفقرة الأولة من ص (192)
أمر جديد تماما هذا التحليل المعمق للغة العرب ليصل إلى أنها لم تصبح لغة واحدة بل أصبحت اثنتين لغة الجاهلية ولغة الإسلام بل إنه استعمل عبارة لهجة في حديثه هنا عن اللغة العربية الجاهلية بينما هذه التي استحدثت بعد نزول الوحي هي لغة مكتملة معبرة فنيا وفكريا أيضا في مسائل جديدة غيبية وشرعية واجتماعية لم تكن موجودة من قبل لدى أهل الجاهلية لأنهم لم يكونوا في حاجة إليها نظرا لمحدودية حياتهم واحتياجاتهم الحسية والمعنوية في البيئة الصحراوية البدوية لم تكن الثقافة من اهتماماتهم ولم يكن من مطالبهم ولا من مساعيهم ولا من طموحهم السعي نحوو الحضارة لذلك لم تكن لهم حاجة إلى لغة قادرة على احتواء مضمون متنوع وواسع وفكري وحضاري نتيجة الطفرة التي صاحبت القرآن وتسببت عنه للتطور في كل مجالات الفكر والتنظيم الاجتماعي والعلم والحضارة, إذن لقد جاء القرآن الكريم بلغة جديدة غير اللغة الجاهلية المحدودة العاجزة عن أداء المحتوى الغيبي  والاجتماعي والفكري والثقافي والحضاري الجديد. وقد استعانت في هذا السباق اللغة القرآنية الجديدة العالمية إن شئنا بالحضارات والثقافات السائدة آنذاك واستعارت منها ألفاظا للتعبير عن حاجاتها الجديدة. وهكذا يضرب مالك بن نبي بهذا ذلك الزعم الاستشراقي الغربي الؤيد والمتبع من شرذمة ضالة مضللة من تلاميذهم العرب والمسلمين فالقرآن الكريم لم يكن فقط أفصح من لغة العرب بل كان له محتوى ثقافي وحضاري تعجز لغة الجاهلية عن أدائه فكان أن ابتكر لغة جديدة تستجيب لنشاطه وطموحه الكبير إلى تشييد حضارة إنساننية عادلة ومتطورة إلى درجة أن كتاب الله العزيز استعمل لغة غير لغة العرب تماما ليعبر بها عن مضمونه الثقافي والحضاري الراقي وهنا تسقط كل الادعاءات والمحاولات البائسة اليائسة لاستعمال اللغة وسيلة لضرب القرآن الكريم والتشكيك في صحة الرسالة والرسول وبهذا يمكن بحق وصف مالك بن نبي بحجة الإسلام المعاصرة.
______________________________________________________________________________________

الصورة الأدبية للرآن (تابع)
كنا انتهينا في ص 191 والفقرة الأولى من ص 192 إلى محو فرض (مرجليوث) المستشرق الإنكليزي في مسألة اللغة الجاهلية واللغة المسلمة فقد سقط ذلك الفرض بفضل دراسات المدرسة الرافعة كما أفاد المؤلف.
بالإضافة إلى ذلك يذهب مالك بن نبي إلى نفي إمكان تصور اختراع أو اختلاق شعر رصين كما قال مثل الشعر الجاهلي ووضع أسماء مبتدعة لشعرائه فهو افتراض غريب وغير قابل للتصور مجرد التصور الحقيقي السليم, وهو أمر غير قابل للفهم أصلا؟!
ثم يضيف مالك بن نبي بكل وضوح ما سماه المسألة اللغوية التي تسبب في نشأتها القرآن وهي مسألة جديرة بالدراسة الجادة يقول: (تستحق في ذاتها دراسة جادة, تضم ألفاظه الجديدة, واستخدامه الفذ للكلمات, وخاصة في مجال الأخرويات, وربما ظفر علم التفسير من ذلك بمجال رحيب يستطع أن يلاحظ فيه امتداد الظاهرة القرآنية.)
وكان من الحتمي على القرآن الكريم إن هو أراد إدخال فكرته الدينية في اللغة العربية ومفاهيمه التوحيدية (أن يتجاوز الحدود التقليدية للأدب الجاهلي). وقد أحدث بذلك انقلابا هائلا في الأدب الجاهلي بتغييره الأداة الفنية في التعبير يقول مالك, فهو من جهة يحل الجملة المنظمة محل البيت الموزون, ومن جهة أخرى جاء بفكرة جديدة (أدخل بها مفاهيم وموضوعات جديدة, لكي يصل العقلية الجاهلية بتيار التوحيد.).
ويلاحظ المؤلف أن هذه المفاهيم الجديدة لم تتوقف عند مجرد الذكر بل قام القرآن الكريم بهضمها وتمثلها كما يقول, ثم كيفها لتتناسب مع العقلية العربية أي أن التكييف يتجاوز الجانب اللغوي البحت إلى الجانب العقلي الذي استطاع القرآن أن يدخل عليه التطور الضروري ليستوعب المفاهيم المستحدثة في مجال التوحيد وغيره أو إن شئنا فإن التطور اللغوي الحاصل إنما هو وسيلة للتغير العقلي والفكري المستهدف أساسا.  
وفي هذا الصدد يضرب مالك مثلا من التعبير الإنجيلي كما قال (مًلك الله Royaume se Dieu) ليقارن إن كان القرآن يستعمل نفس التعبير؟ ويؤكد بعد هذا المثال أن القرآن لم ينقله حرفيا بل شكله في هيئة خاصة تعطيه أصالته كما قال ) نهاية ص192 .. ولنتوقف هنا لنعمق الأفكار في الجلسة الفكرية أثناء السهرة بالمناقشة والتحاور والتلاقح الفكري وإثراء الموضوع. ونلاحظ مع ذلك بداية أن مالك بن نبي يذكر هنا بصريح العبارة أن القرآن أضاف ألفاظا إلى اللغة العربية وفي المرة الماضية رأيناه يبرهن على ذلك بألفاظ من لغات أخرى استعارها القرآن ذكر منها اللغة الأرامية لأن لغة الجاهلية تعجز عن استيعاب بعض الأفكار والمفاهيم الجديدة مثل فكرة التوحيد ونبقى نميل من ناحية روح النص إلى أن مالك بن نبي لا يقصد إتيان القرآن بمفردات جديدة عدا تلك التي استعارها من اللغات الأخرى بل يهدف إلى التراكيب الجديدة والجمل الجديدة والأسلوب الجديد الذي يستوعب الفكر الجديد والحضارة الجديدة والموضوعات الغيبية وغيرها مما ذكره مالك بن نبي في المرة الماضية ويبقى المعول على الجلسة في السهرة الفكرية هذا المساء لتضيف ما تضيفه من إثراء وتوضيح وتجذير لمقاصد مالك بن نبي والقرآن الكريم ذاته. وللحديث بقية في الموضوع ومنه المثل الإنجيلي (مملكة الله) التي يوضح مالك بن نبي كيف عبر عنها القرآن تعبيرا أصيلا وليس مجرد ترجمة لغوية مما يجعله يحدث تطورا لغويا وفكريا في آن واحد.
______________________________________________________________________________________________

الصورة الأدبية للقرآن (تالع)
توقفنا في الجلسة الماضية في نهاية ص 192 فيكون إذن مجال قراءتنا التحليلية هذه المرة هو ص 193 وربما تجاوزناها إن أمكن واقتضى السياق ذلك
كنا بصدد عبارة (ملك الله) كما وردت في الإنجيل وكيف عبر عنها القرآن ليس بالترجمة الحرفية وإنما بصورة مبدعة جديدة تمنحها أصالتها كما يقول مالك بن نبي
فكلمة (royoume) مرادفها في العربية هو (ملك) لكن القرآن الكريم يعبر عنها بكلمة (أيام) يقول المؤلف.
بهذا التكييف للكلمة يقول مالك بن نبي يتحاشى القرآن اللبس الناشئ من ترادف كلمات [(مملكة Royoume - ملك Domine - مُلك) أو لفظ كون (Gréation) الذي يغير كثيرا من مغزى التعبير الإنجيلي.].
ويعلق مالك بن نبي على هذا التكييف كما سماه أن القرآن قد وفق فيه كثيرا بالتعبيرالأصلي (أيام الله) كما لا يستطيع ذلك أمهر المترجمين.
ويصدر مالك بن نبي بناء على هذا المثال تعميما بأن القرآن الكريم فعل نفس الشيء التأصيلي مع جميع المفاهيم الإنجيلية التي وردت فيه. كما تمثل عبارة (Esprt Saint) ثم صاغها في ذلك التعبير الأصيل الموفق (الروح القدس).
ويتابع مالك بن نبي في هذا السياق ملاحظا أن الثروة اللغوية التي جاء بها القرآن الكريم تعرضت كلها وفي جميع تفاصيلها لهذا التكييف الرائع ولتأكيد هذا المعنى يستحضر مالك بن نبي قصة (يوسف) أو اسم (العزيز) مقارنا بين ما ورد في هذا الشأن بين الإسم العبري واللقب القرآني (العزيز) حيث أن الإسم العبري يبدو أنه اشتقاق من الإسم المصري الذي يجمع بين لفظ عزيز وناصح. وينقل مالك بن نبي عن قسيس يسمى (Vigoureux) قوله إن هذه الكلمة (عزيز) مصرية مركبة تفيد معنى (عزيز الإله شمس). نهاية ص 193 . ويحسن أن نتوقف هنا لنترك الفرصة للمشاركات في السهرة مهمة الإثراء والتعميق والتلاقح حيث إن السياق دائما هو الصورة الأدبية للقرآن بما فيها من تأصيل لغوي مبدع في لسان العرب غير مسبوق وكأني بمالك بن نبي في هذه الحلقة وربما ما بعدها أيضا يتعرض لمسألة الترجمة وكيف كان للقرآن شأن عظيم فيها وربما أن ذلك ما دفع بأجيال لاحقة إلى تلك العركة الهائلة العظيمة من الترجمة لتراث الحضارات المعاصرة آنذاك والسابقة مما أدى إلى قيام تلك الحضارة الفريدة في التاريخ والتي كانت بالطبع رسالية وكانت الرسالة هي دافعها القوي لذلك التشييد الحضاري الشامخ وهو الأمر الذي نأمل في الانطلاق منه مجددا إلى بناء حضارة مسلمة معاصرة فهل يتحقق الحلم؟
____________________________________________________________________________________________

الصورة الأدبية للقرآن (تابع)
كنا تعرضنا مع مالك بن نبي وهو يخوض في مسألة الصورة الأدبية للقرآن لكلمة #العزيز# الواردة في قصة يوسف وكيف كيفها القرآن ببلاغته وإبداعه اللغوي من أصلها الفرعوني الذي يبدو أن الإنجيل نقل معناه والذي هو في تركيبه المصري #عزيز الإله شمس# ولنبق في هذا الأمر مع مالك بن نبي قبل انتقاله إلى موضوع جديد في سياق الظاهرة القرآنية هو #مضمون الرسالة# ففي ص 194 وهي الأخيرة في سياق #الصورة الأدبية للقرآن# وهي عبارة عن عدة فقرات لا تشغل فضاء الصفحة كله حيث ينهي مالك بن نبي الصورة الأدبية باستخلاص العبرة كعادته وتركيز المعنى وصياغة التصور بوضوح ودقة متناهية, حيث يرى أن القرآن الكريم لأصالته الفكرية واللغوية حذف من العبارة أو التركيب المصري والإنجيلي كل ما هو غير ضروري لأداء المعنى حيث إن البلاغة الإيجاز وليس ذلك فحسب حيث كيف الجملة أو العبارة وجعلها لفظا واحدا هو #العزيز# عوض #عزيز الإله شمس# وفي هذا بلاغة وبراعة وابتكار وأصالة فكرية ولغوية وأيضا انسجاما مع روح الرسالة التوحيدية فكأن العبارة المتكونة من ثلاثة ألفاظ تفيد التعدد بينما الكلمة الواحدة تعني التوحيد وهكذا تكون مقاربة مالك هنا ذات أبعاد ثلاثة كلها راسخة القدم في اللغة والأدب والفكر حيث تكون روعة اللقاء بين العقيدة والفكرة والكلمة معبرا عن كل ذلك بكلمة واحدة وحيدة فريدة هي #العزيز#1 خلافا للإنجيل والأصل الفرعوني للتسمية والفكرة والعبارة التي جاءت في قصة يوسف عن هذه الشخصية التاريخية #العزيز# يقول مالك بن نبي: #ومما يذكر أن هذا التكييف الذي تجنب صعوبة الصورة الصوتية للحروف الأولى, قد حل مشكلة لغوية لا يتسنى لجاهل بالدراسات المصرية أن يحلها حتى لو كان في أتم حالات وعيه# .. هكذا ينهي مالك بن نبي موضوع #الصورة الأدبية للقرآن مع نهاية ص 194 من كتاب الظاهرة القرآنية لينتقل في ص 195 إلى موضوع جديد هو #مضمون الرسالة# وهو الذي سيكون لنا معه موعد في اللقاء المقبل. ولنترك إثراء الموضوع إلى الجلسة الفكرية أثناء السهرة حيث تلتقى العقول وتتلاقح الأفكار وتحدث الخصوبة وتتخلق نواة الوعي الذي برقيه رأسيا وأفقيا يحدث التغيير الحتمي وتتفعل الرسالة مجددا وتنبعث الحضارة المسلمة المعاصرة المنتظرة لإنقاذ البشرية كلها وليس الأمة وحدها من بين براثن الحضارة المادية الضارية التي تعبث بالإنسان ومصيره وتنذره بالنهاية المدمرة لوجوده ذاته إننا في هذه الجلسات الفكرية المباركة نساهم على ما أعتقد ولو مساهمة متواضعة فيما هو منتظر من ترقية الوعي الذي هو الشرط الضروري والكافي لانبثاق أو إحياء الحضارة الرسالية مجددا. ـ إعداد الأستاذ ع/حمروش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1ـ يبدو أن كلمة #العزيز# قد انتقلت إلى حقل التفسير العبري عن طريق دراسات #موسى بن ميمون# تلميذ المدرسة الإسلامية بإسبانيا ـــــــــــــــــــــــــ #المؤلف#
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://benabbimalek.forumalgerie.net
 
القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24) مكرر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة 25 مكرر
» القراءة التحليلية في كتاب الظاهرة القرآنية - الحلقة 25 مكرر 09 .. عبد المالك حمروش
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (23)
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة 25
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبي ** الحلقة 19 ** عبد المالك حمروش

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر :: الفئة الأولى :: القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية-
انتقل الى: