منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر

مالك بن نبي مفكر جزائري عالمي معاصر تمكن بدافع حماسه الإيماني العميق وبفضل تمكنه من المنهج العلمي المعاصر من تشخثص مشكلات الحضارة الإسلامية خاصة ووضع الحلول المناسبة لها ..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
مدير عام
مدير عام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 387
تاريخ التسجيل : 14/04/2013
العمر : 40

القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)   Empty
مُساهمةموضوع: القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)    القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)   Emptyالأحد مايو 04, 2014 5:44 pm

القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)  


الفكرة المحمدية


يروي مالك بن نبي في ص 167 هذه القصة ذات الدلالة المنهجية العميقة, حيث مر رسول الله (ص) أمام بستان واحد من الأنصار في المدينة فوجده يستخدم طريقة معينة في تأبير النخيل, فأشار عليه النبي باستخدام طريقة أخرى, وبعد مدة وجد أن الأنصاري لم بتبع نصيحته لأن تلك الطريقة لم تحقق له فائدة, فأقره النبي الكريم على ذلك قائلا إن التجربة أجدى من الرأي حتى لو كان هو راي النبي نفسه.
وييعلق مالك على هذا بأنه من الناحية التاريخية تعتبر تلك النصيحة حديثا وهي (نهاية ص 167) بذلك ذات قيمة مطلقة تقريبا في نظر المفسرين والفقهاء. لكننا نلاحظ أن النبي ألغى هذا الحديث بسبب تجربة بستاني بسيط فيكون بذلك قد أثبت أسبقية العقل والتجربة في النشاط الدنيوي.
لكن على العكس من ذلك لا نجد حالة واحدة نسخ فيه الرسول الكريم آية قرآنية واحدة بتجربة فردية حتى لو كانت تجربته هو نفسه يقول مالك بن نبي.
بل تدلنا الأحاديث على  تمسكه الشديد المطلق بالآيات القرآنية دائما دون أي استثناء ولو لمرة واحدة بل نجده قد تخلى عن القيام بالحج الذي استعد له مطولا في سنة معينة بسبب نزول آية كريمة تأمره بالتخلي عن ذلك رغم أنه شرع في عد العدة لذلك الحج سنة كاملة من قبل وبالرغم من أن ذلك التراجع كاد يثير فتنة وفوضى في الجماعة المسلمة آنذاك.
وإذن يقول مالك إننا أمام فكرتين هما في نظر النبي بقيمتين مختلفتين: الفكرة الشخصية الناجمة عن معرفته البشرية, والوحي المنزل عليه قرآنا كريما. نهاية ص(168).
وهناك تعليق هنا عن خوض في قضية نسخ الكتاب بالسنة وهو مختلف فيه فيما يبدو خلاف نسخ السنة بالكتاب أو نسخ الكتاب بالكتاب متفق عليه ..
[وحدهم المديرون لديهم صلاحيات معاينة هذا الرابط]
ومن الأفضل ترك التفصيل في هذا الموضوع إلى الجلسة المقبلة.
إنها حالة مثيرة للإعجاب والاقتداء تلك التي لم يأخذ فيها بستاني بسيط من الأنصار بنصيحة فلاحية للنبي (ص) لأن التجربة أثبتت أن طريقة أخرى أفضل منها وأخصب وأكثر نتيجة ثم يكون الأمر أكثر روعة عندما يطلع الرسول الكريم على ذلك ويقره على معاكسة نصيحته ويرجح عليها التجربة واستعمال العقل في الأمور الدنيوية أليست هذه قمة الحرية وإعمال الرأي والعقل في المساعي الحياتية؟ لو كان ذلك بين ما نرى من عباد اليوم لقبلوا بزلزلة الأرض كلها على أن يأخذوا بتجربة مفيدة وفكرة صالحة قال بعكسها الرسول الكريم .. إننا أمام أنموذج حي من الإنسان المتحضر القابل لصنع التاريخ وتشييد الحضارة لاسيما عندما نقارنه بالإنسان الفاشل الخاضع الخانع الذليل المهين إنسان ما بعد الحضارة الذي يصفه مالك بن نبي بإنسان ما بعد الموحدين والعياذ بالله.

مواصلة تحليل "الفكرة المحمدية"
يوضح مالك بن نبي كيف أن الفكر المحمذي أو الضمير كما قال يعتمد على أساسين هما خبرته الدنيوية وما يأتيه وحيا ويشير إلى أن هذا المنهج أو الحالة متشابهة بين جميع الأنبياء وفي هذا الصدد يذكر مثالا هو النبي الإسرائيلي الذي استشهد به مرة في بداية تمهيده لكتاب الظاهرة القرآنية على أنه هو الوحيد الذي احتفظت نصوص الوحي الخاصة به بصحتها على  خلاف الكتب المقدسة الأخرى غير القرآن الكريم التي لحقها التحريف والتزييف .. وفي ما نحن بصدده يتحدث مالك عن متنبي في عهد "النبي أرمياء" ادعى أنه تلقى الوحي اسمه (حنانيا المتنبئ) الذي راح يعنف النبي "أرمياء" مدعيا أنه تلقى الوحي وأنه نبي مما جعل النبي "أرمياء" يلتزم الصمت  ويشك في أن الأمر ربما يكون صحيحا أي أنه أخذ بالتجربة والخبرة الدنيوية التي هو بصددها وكون من معاناتها فكرة احتمال أن يكون هذا الشخص فعلا موحى إليه وهذا سلوك أساسه التجربة والخبرة الدنيوية المعيشة التي كونت لديه مرجعية للسلوك والتصرف حتى جاءه الوحي ليوضح له الموقف على أنه هو النبي الوحيد وأن هذا الشخص المدعي النبوة كاذب فيما يدعي عندها صحح النبي "أرمياء" سلوكه على هذا الأساس الوثيق وتصرف باتخاذ الوحي مرجعية لسلوكه أي صحح موقفه برفض ادعاء ذلك المدعي ومواصلة مهمته النبوية على أساس أنه النبي الصادق الموحى إليه وليس هناك غيره في ذلك الوقت. فعندما أتاه الوحي زالت شكوكه وغير موقفه بسرعة إلى ما هو صواب أي الاستناد إلى الوحي .. يقول مالك بن نبي: (فإذا بالنبي يعاود في سرعة نهج دعوته المألوف) .. نهاية ص 169

يوضح مالك بن نبي في بداية ص 170 أن هذا المثال يفصل تماما بين المصدر الذاتي التكويني الدنيوي الذي مصدره التجربة والخبرة الدنيوية في حياة النبي "أرمياء" والمصدر الرباني الموحى به وهو أمر مشابه تماما لما حدث في المثال السابق عن نصيحة الرسول الكريم محمد (ص) للبستاني الأنصاري الذي كان يؤبر نخيله في ضواحي المدينة وكيف أن ذلك البستاني لم يأخذ بنصيحة الرسول لأن تجربته وخبرته الفلاحية كانت قد أعطت نتيجة أفضل فلما علم النبي بذلك أقره عليه وأمر باتباع ما هو أجدى في السلوك العملي إلا إذا نزل الوحي بغير ذلك فعندها وجب اتباعه دون أي مناقشة ولا تردد ولتوضيح هذا الموقف عن مصدري السلوك والتفكير في شخص الرسول وبقية الأنبياء عليهم السلام استشهد بالآية الكريمة: (وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا, ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) [الشورى [52/42] ..

ويفسر مالك بن نبي الآية كالآتي: فقول الحق سبحانه (ما كنت) المقصود بها هو ما قبل غار حراء, حيث لم تكن لدى النبي سوى معلومات شخصية لا علاقة لها بالوحي فيما بعد, ثم من بعد جاء الوحي ليكون أساسا آخر أوثق وأصح للتفكير والسلوك لدى رسول الله حيث تعتبر الآية الكريمة إثباتا للوحي (أوحينا إليك روحنا) ويوضح المؤلف أن هذه الآية مرت بشعور الرسول الكريم وتعرضت لنقده يقول " الذي يجيد هذا الفصل الضروري لاقتناعه الخاص" أي الفصل بين الخبرة الحياتية المكتسبة من تجاربه وممارساته الدنيوية وما أتاه به الوحي القرآني من قواعد للسلوك والتفكير فيما بعد ..

ويلاحظ مالك بن نبي أن القرآن الكريم كان حريصا على تأكيد هذا الفصل بوضوح بين مصدري السلوك والتفكير والقناعة لدى رسول الله ويستشهد في هذا المقام بآية قرآنية هي قول رب العزة: (وما كنت تتلو من قبله من كتاب, ولا تخطه بيمينك)   [العنكبوت 48/29] ..

وهنا يوضح مالك بن نبي اعتمادا على الآية أن أن تاريخ الوحي القرآني يبدأ بعد (القرآن) وليس قبله.
يقول مالك بن نبي: (أما من الوجهة النفسية المتصلة بشعور النبي (ص), فإن هذه الآية تعزز ما قبلها في فصل السنة المحمدية عن الوحي القرآني) .. نهاية ص 170 وهنا نتوقف في هذه الحلقة من القراءة التحليلية النقدية في كتاب مالك بن نبي الظاهرة القرآنية وبودي أن نكمل التحليل -والنقد خاصة- جماعيا في سياق المناقشة والحوار أثناء الجلسة الفكرية في هذه السهرة.

الفكرة المحمدية (متابعة)

فصل السنة المحمدية عن الوحي القرآني

يؤكد مالك بن نبي في بداية ص 171 على هذا الأمر مشيرا إلى الإلحاج الكبير للقرآن الكريم عليه, مستشهدا على ذلك بالآية الكريمة: (كذلك نقص عليك من أنباء ما قد سبق, وقد آتيناك من لدنا ذكرا) [طه 99/ب20] ..

وفي آيات أخرى ينبه مالك بن نبي إلى  أن القرآن كأنما يشير إلى تحديد مقصود للوحي في أمور لم يكن قد جاء الوحي بعد بشأنها ومثال ذلك الآية: (ولقد أرسلنا رسلا من قبلك, منهم من قصصنا عليك, ومنهم من لم نقصص عليك) [القصص 78/28] ..

يقول مالك بن نبي: "ففي هذه الآية يمضي الوحي القرآني, ليس أبعد من الفكرة المحمدية فحسب, ولكن أبعد مما قد أوحي فعلا).

ويلاحظ أن هناك آيات كثيرة في هذا السياق منها:
(واسأل  من أرسلنا قبلك من رسلنا, أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون). [الزخرف 45/43] ..

ويضيف المؤلف في هذا المضمار أنه أحيانا يفصل القرآن بين الفكرة المحمدية والفكرة القرآنية بمناسبة أحداث تقع فعلا في الواقع المعيش الدنيوي
أو "يجري في الحياة العادية" حسب تعبير ابن نبي

مثل قول الخالق سبحانه: (ولو نشاء لأريناكهم فلعرفتهم بسيماهم). [محمد 30/47]  ..

ويختم مالك هذا المسار بملاحظة أن الفصل يقع أحيانا في التعارض بين الفكرة المحمدية والفكرة القرآنية كما في الآية التي يؤجل تحليلها كما يقول .. نهاية ص 171

في بداية ص172 يأتي بهذه الآية التي أجل تحليلها كما قال وهي قول الحق جل جلاله: (ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه). [طه 114/20] ..

وجب أن نأخذ في اعتبارنا يقول مالك بن نبي ونحن بصدد البحث في هذا الموضوع "الفصل" بين فكرة السنة المحدية والوحي القرآني" عنصرا آخر خارجيا هو عنصر صياغة الحديث, فقد قيل بحق "إن الأسلوب هو الرجل".

ومما هو مؤ كد أن أسلوب الحديث وأسلوب القرآن كلاهما له خصوصياته التي تميزه عن الآخر. "لكل منهما طابعه, وصياغته الخاصة" يقول مالك بن نبي

ومن الأحسن هنا نقل عبارة المؤلف كما وردت: "فالعبارة القرآنية لها نسق وجرس تعرفه الأذن, ولها هيئة تركيبية وألفاظ خاصة, فليس من الخطأ أو الغلو في شيء أن يقال: إن الأسلوب القرآني معجز, لا يتسنى لأحد الإتيان بمثله".

وقد روي أن الشاعر الكبير (المتنبي) يقول مالك قد حاول -دون جدوى- أن يقلده, كما أن محاولة في هذا السياق سجلها التاريخ "هي محاولة (البيان العربي) الذي كتبه (الباب)"

"لكنها لم تكن سوى محاولة يائسة"(1)

يقول ابن نبي لا شك يحتمل في هذا الفصل القاطع بين الحديث والقرآن الذي نبهت إليه هذه الآيات "فصل تاريخي ونفسي بين الفكرة المحمدية والوحي القرآني, "ذلك الفصل الذي -متى استقر في شعور النبي- أضاء جوانب الظاهرة القرآنية". يقول مالك بن نبي. نهاية ص 172 .. لنتوقف هنا محاولين التعمق في التحليل والنقد بصفة جماعية أثناء الجلسة في سهرة الليلة الفكرية في الصفحة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) راجع (البابية والإسلام Le Babisme et L'Islam) للشيخ عبد الرحمن تاج


الرسالة


في ص 173 ينتقل مالك بن نبي إ لى موضوع جديد هو أحد موضوعين رئيسيين في كتاب الظاهرة القرآنية هما الرسول والرسالة والباقي كله على أهميته فرع من أحدهما دائما فالهم الأكبر هو حسم موضوع الرسول والرسالة لأنهما معا محور الصراع بين المسلمين وغيرهم وعلى رأسهم الغرب الاستعماري ومفكريه العنصريين المضللين واتباعهم وتلاميذهم من العرب والمسلمين خاصة منهم بعض الدارسين في جامعات الغرب المستلبين الضالين المضللين والعياذ باالله.

موضوع سهرتنا الليلة إذن هو الرسالة بعد انتهينا مع المؤلف من موضوع الرسول الذي تم حسمه مع الخصم منطقيا وعقليا وعلميا ولم يبق فيه ما يقال فمحمد رسول الله ولا أحد يمكن أن يجادل في ذلك بعد أن أنهى مالك بن نبي الموضوع بكل ما فيه وبتفرعاته وتشعباته وكل ما ورد حوله من أقوال مشككة أو نافية أو مدعية دعاوى باطلة لا أساس لها فضحها مالك وبين تهافتها وكونها بلا أساس ترتكز على الشر والحسد والغيرة والبغضاء والعنصرية والطمع في ما لدى المسلمين من خيرات بشرية وطبيعية هائلة.

يشرع مالك بن نبي في موضوعه الجديد بالتنبيه إلى سحر الكلمات للعقول أو بعض العقول ذات التكوين الديكارتي كما قال. خاصة في هذا العصر الذي احتل فيه الأسلوب العلمي مجال الدين. فهناك كلمات مختفية وراء أقنعة عرفت السياسة بعضها لكن العلم عرف منها الأكثر حتى أنه لا أحد يتصور حجم الخطأ الضخم الذي تخفيه هذه الأقنعة، عندما تتسرب هذه الكلمات المقنعة من قلم كاتب كبير فتنطلق من كتبه أشباح تتردد في كثير من عقول المتعالين فتزيدها سخافة. هؤلاء المتعالون المتعجرفون المتعالمون الذين طالما نبه إلى خطورتهم المؤلف معتبرا جهلهم مركبا وهو بذلك أخطر من جهل عامة الناس بكثير لأنه غير قابل للعلاج كالأول الذي يعترف صاحبه به ويتقبل النصح والنقد والتعلم.

وهكذا صار شائعا في أوساطنا العلمية - يقول ماىلك بن نبي - أن ينسب الباحثون في الدراسات الإسلامية التي يقوم بها كتاب تعلقوا بالكتابة في كل شيء - يلاحظ مالك - الذين يضعون كلمات مكان حقيقة غابت عنهم أو لم يجتهدوا في إدراكها أصلا.

وهكذ نجد أن (ذاتا ثانية) تتدخل في تفسيرهم للظاهرة النبوية لا سيما عند (أرمياء) هي  أكثر من مجردة ولا هي حسية فضلا عن كونها بعيدة عن الاحتمال, يحسبونها ظنا منهم مصدرا لحقيقة الذات الأصلية أي يعتمدون على وهم لا أساس له من الصحة. يقول مالك بن نبي : (هذه الفكرة الشاذة تذكرنا من قريب بفكرة عزيزة لدى المنجمين هي فكرة المثل "المثل الفلكي").(1)

هذه الكلمات الساحرة لها تأثير كبير على بعض العقول شبيه بتأثير الرسوم والصور على الأطفال. بهذا ينهي مالك بن نبي ص173.
________________________________________________________________________________
(1) المثل الفلكي مأخوذ من فكرة أفلاطون عن عالم المثل وعالم الصور, ولكن بصورة أخرى تناسب أفكار المنجمين الفلكيين

                                            __________________
في ص 174
ومن الطبيعي يقول مالك بن نبي أن المتأثر كثيرا بهؤلاء الكتاب لا يعير كبير اهتمام بقيمة الكلمات المستخدمة في تعبيرهم عن فكرة معينة. لكن عند بحثنا عن معنى هذا المصطلح في علم النفس الذي يعتمدونه نجده في منتهى الغموض فلا معنى محدد له كما هي مصطلحات الإرادة والتذكر مثلا.

وهكذا فنظرية (اللاشعور) التي لا زالت في طور النشأة استخدموها في تفسير الظاهرة القرآنية بطريقة موضوعية كما يزعمون
ولهذا يصعب تفهم كون هؤلاء الباحثين قد بذلوا الحد الأدنى من المجهود لفهم الظاهرة هذه.

فلا ريب أن الذات البشرية تحتوي على مجال معين تتكون فيه "الظواهر النفسية الغامضة" التي لا تظهر في الشعور مثل الأحلام.

هذا المجال المظلم الذي تبهت فيه الحياة الشعورية يمكن اسميته "باللاشعور".. الذي له علاقات واضحة بالشعور لأن كل الحالات النفسية كالأفكار والوقائع التي تنشط فيه كانت قد مرت في وقت ما بالشعور ثم وقع تحويرها لتصبح في حالة نفسية مختلفة تقع في مجال اللاشعور. (فيمتص اللاشعور هذه العناصر الشعورية, ويودعها مخيلته لكي يقلبها غالبا إلى رموز, إلى أحلام, إلى حديث تفسي, إلى إلهام, ولكن هذه الرموز تحتفظ بمعالم الفكرة أو الواقع الذي تولدت عنه).

لا شك - يقول مالك بن نبي - أن هذه العلاقة تتفاوت في غموضها, لكن التحليل قد يكشف عنها, حيث يمكن اكتشاف الطريقة التي اتبعها اللاشعور في (نهاية ص174) صياغة رمزه بالرجوع إلى حادث سابق تسبب فيه. إنه حساسية خاطفة أو ذكرى قاسية أو ربما مصدره عسر الهضم أو يسره الخ..

وفي  تأثر واضح بتكوينه في هندسة الكهرباء واستثماره له في التحليل يقول: (فاللاشعور يعمل هنا عمل المستقبل الكهربي بالنسبة للمولد الكهربي الذي هو الشعور, وعليه ففي هذا المجال الأخير يجب أن نلتمس دائما صدور العمليات النفسية التي يصفونها باللاشعورية).

وبيت القصيد الذي يصل إليه مالك بن نبي ليحسم تخرصات الخصم المغرض المكيد العدواني هو أنه عندما يتضح أن فكرة لا تنتمي مطلقا للذات الشعورية فمن الضروري أنها أجنبية عن هذه الذات وبالتالي لا مكان لها في اللاشعور, ويختم مالك بن نبي استنتاجه المنطقي الكبير والمنهجي للجدل العقيم في هذه المسألة قائلا: (هذا هو المبدأ النقدي الذي نريد أن نتخذه هنا اساسا لدراسة الوحي القرآني). نهاية ص 175 .. ما لا يوجد في الشعور لا مكان له في اللاشعور وإذن فالظاهرة القرآنية التي لا مجال لها في شعور الإنسان يستحيل أن تكون بطبيعة علم النفس في مجال اللاشعور وبما أن الدارسين الغربيين وأتباعهم اعتمدوا على نسبة الوحي إلى اللاشعور فهم كمن يحرث في البحر يتحدثون عن أوهام لا توجد سوى في عقولهم المغرضة الذاتية التي لا علاقة لها بموضوع اللاشعور وبالتالي علم النفس الشعور منه واللاشعور .. فمن أين للإنسان بالوحي وهو خال منه نفسيا وعقليا؟ وكيف يمكن نسبته للا شعور وهو غريب عن الشعور مصدر الحوادث اللاشعورية كل الغرابة؟ لقد أنهى مالك بن نبي الموضوع ولم يبق فيه أي مجال للجدل العقيم الذي أصبح بعد هذا الحسم هو عبارة عن هلوسة لا معنى لها ..



الخصائص الظاهرية للوحي


في ص 177 يحدد مالك بن نبي خاصيتين ظاهريتين اثنتين لظاهرة الوحي الممتدة في الزمان هما:

                            ا - تنجيم الوحي
                            ب - وحدته الكمية
بقطع النظر يقول المؤلف عن طبيعته وحامله النفسي من خلال الذات المحمدية

وفي ص 179
وضع مالك بن نبي عنوانا هو: التنجيم
ليسجل المدة الزمنية للوحي الممتدة ثلاثة وعشرين عاما بتمامها فهو لذلك ليس بظاهرة عابرة مرت مر السحاب على عجل, المسألة الثانية هي أن الآيات جاءت منجمة بين كل وحي وما يتبعه مدة زمنية قد تطول أو تقصر
وقد ينقطع الوحي مدة طويلة غير متوقعة من الموحى إليه, خاصة عندما يكون معولا على اتخاذ قرار ينتظر تصديق السماء عليه.
والمثال الأوضح على هذا الانتظار لأوامر السماء قبل اتخاذ القرار هو قرار الهجرة حيث فر أصحابه بدينهم من مكة بينما بقي هو منتظرا لاعتقاده في وجوب انتظار أمر صريح بالوحي يتعلق بهجرته هو شخصيا.
والمثال الثاني الأكثر وضوحا هو "حادثة الإفك" المحيرة التي كان النبي ينتظر فيها بقلق وريبة من الحادث مدة طالت شهرا (1) كاملا للوحي ليتخذ قرارا حاسما من هذه الحادثة المحيرة المريبة.
كانت تلك المدة شاقة حرجة خاصة أن المغرضين أخذوا يوجهون الانتقاد اللاذع للنبي (ص179) باستهزاء وكان هو يتألم لذلك أحيانا.

وأي كان الافتراض "يقول مالك بن نبي" الذي يوضع عن طبيعة القرآن فإن هناك سؤالا .. نهاة ص (179)
______________________________________________________________
(1) كذا ورد في حديث عائشة الذي رواه البخاري ..................................... (المترجم)
                                                  ___________________
قال هناك سؤالا كبيرا يتردد حول هذا الموضوع: "ألم يكن من الممكن أن يتدفق جملة واحدة, من العبقرية الإنسانية التي ر بما يكون قد صدر عنها(1)؟".
غير أننا برجوعنا في الزمن نستطيع أن نحكم يقول مالك بن نبي بالأهمية القصوى لهذا التنجيم الفذ, الذي له أهمية قصوى في نجاح الدعوة.
إذ بم نفسر تاريخيا واجتماعيا وأدبيا قرآنا ينزل كالبرق الخاطف في ظلمات الجاهلية؟
وما ذا يعني هذا بالنسبة للنبي لو أنه تلقى الوحي دفعة وحيدة كصحيفة تفويض كما يتلقاها بني الإنسان .. ربما يعني وثيقة اعتماد مثل تلك التي يصطحبها السفراء لدى تعيينهم
أي أمل يمكن له أن يعطيه لجماعته في بدر لو أنه بدل أن ينتظر مدد الملائكة يردد كلاما محفوظا كان قد تلقاه سابقا؟
يقول مالك بن نبي إننا ببحثنا ظاهرة تجزئة البحث ندرك مدى قيمته التربوية.
فتلك هي الطريقة التربوية المجدية الوحيدة في فترة بداية دين وبزوغ حضارة.
سيكون الوحي هاديا لمسار النبي وصحبه خطوة خطوة نحو هذا الهدف البعيد إرساء قواعدة دين وتشييد حضارة, حيث يرعاهم في كل لحظة بالعناية الإلهية المناسبة "يعزز جهودهم العظيمة ويدفع أرواحهم وإرادتهم نحو هذه الملحمة الفريدة في التاريخ, فيكرم بآية صريحة قضاء شهيد أو أو استشهاد بطل".

ويتساءل مالك بن نبي عن كيفية أداء القرآن لدوره في صياغة طبيعة الإنسان التي جاء من أجلها في ذلك العصر لو أن نزوله سبق أحداث حنين وأحد؟ وما ذا كان يستطيع لو (نهاية ص 180) أنه لم يأت لكل تضحية بجزائها, ولكل هزيمة أملها, ولكل نصر درسه في التواضع, ولكل معضلة توجيهها الضروري والجهود اللازمة لها, ولكل خطر مادي أو معنوي التشجيع المناسب لمواجهته؟ .. سنواصل هذه التساؤلات والإجابة عنها لتوضيع معنى المرحلية أو التنجيم في نزول القرآن الكريم والحكمة من ذلك مع مالك بن نبي في السهرة الفكرية المقبلة فاسحين المجال هنا للمزيد من التحليل والنقد أثناء المشاركات المثرية في السهرة.
_______________________________________________________________________________________________

ص 181

التنجيم (تابع)

يتابع المؤلف في هذه الصفحة(181) تحليل مسألة (التنجيم) نزول القرآن العظيم منجما, أي على مراحل وليس دفعة واحدة امتدت تلك المراحل 23 سنة كاملة وذلك لحكمة وضرورة يبينها مالك بن نبي للرد دائما على مزاعم المشككين في الرسالة والرسول من الغربيين خاصة.
فمع انتشار الإسلام في نجد والحجاز كان الوحي يواكبه ويرتب الأمور ويدعم الجهد الإيماني الحضاري الرائع المنتشر بسرعة مدهشة في تلك الربوع ثم في غيرها من أنحاء العالم المعروف في ذلك الزمان. يقول مالك بن نبي: "وكلما كان الإسلام ينتشر في ربا الحجاز ونجد كان الوحي يتنزل بالدرس الضروري في المثابرة والصبر, والإقدام والإخلاص, يلقنه أولئك الأبطال الأسطوريين, أبطال الملحمة الخارقة."
كان التنجيم إذن ضرورة حيوية لا محيد عنها لمتابعة الأحداث التاريخية الدينية الحضارية ودعمها وترشيدها وحفظ مسارها القويم نحو إنشاء المجتمع المسلم الجديد القوي المنيع المشيد لحضارة إنسانية لم يشهد لمثلها التاريخ ولا الجغرافي نظيرا, حضارة الحق والعدل والأمن والأمان والإنسانية والازدهار الشامل العام لكل أبناء البشر.
ثم  يتساءل المؤلف عما إذا كان الدرس القرآني يستطيع بلوغ قلوب أولئك الأبطال الصناديد البناة الأقوياء لو لم يكن مواكبا للأحداث بالشرح والتوعية والدعم والتشجيع وغيرها مما يساعد المسار على مواصلة طريقه بنجاح باهر؟ "لو لم يكن نزوله تبعا لأمثلة الحياة نفسها, والواقع المحيط بهم؟".
لو أن القرآن نزل مرة واحدة يضيف المؤلف لتحول وثيفة دينية خامدة جامدة لا روح لها ولما استطاع أن يكون وهو فكرة ميتة في هذه الحالة أن ببعث الحياة في حضارة وليدة. وقد يتساءل البعض أليست هذه هي الوضعية اليوم؟ والجواب المنطقي هو أن ظروف النشأة لا تشبه أي ظروف لاحقة لها أن تستلهم ذلك الأنموذج الأول لكن ليس كما يفعل بعضهم اليوم الاستلهام الصحيح هو إعادة المسعى والحركة الحضارية ليس كتقليد أعمى وإنما كروح دافعة للتشييد الحضاري المعاصر الأصيل.
وزبدة القول هي هذه " فالحركة التاريخية والاجتماعية والروحية التي نهض بأعبائها الإسلام لا سر لها إلا في هذا التنجيم". إذن فمهمة التنجيم كبيرة بل عظيمة في نظر مالك بن نبي.
وهذا هو الشاهد من القرآن الكريم على ذلك: (وقال الذين كفروا لولا أنزل عليه القرآن جملة واحدة, كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا) [الفرقان 32/25].
فنزول القرآن "على نجوم" يقول مالك بن نبي -وهو نقص كبير في زعم الجاهليين- يتجلى لنا عند مراجعة الزمن والأحداث شرطا ضروريا لنجاح الدعوة المحمدية.
وليس من الصعب يقول مالك بن نبي أن نجد في هذا النهج التربوي, الذي سخر منه الجاهليون وزاغ عنه النقاد المعاصرون يقصد الغربيين وأتباعهم, "وأزاغ النقد السطحي في عصرنا عن الجادة" - نجد فيه طابع العلم العلوي الذي أملى [(كلمة الله) بطريقة التنجيم] نهاية ص 181 وموضوع التنجيم, لينتقل مالك بن نبي في الصفحة الموالية إلى بحث قضية (الوحدة الكمية) وهي الخاصية الثانية الأساسية للوحي أو لطريقة نزوله, وذاك ما يكون موضوع حديثنا في اللقاء المقبل, ولمن يريدون إعادة الكرة والاستعانة بالروح الأولى للنشأة والانتشار والتمكين أن يدرسوا جيدا مثل هذه القواعد الأساسية التنجيم مثلا في حركاتهم ومساعيهم إن كانوا يبغون فلاحا مؤكدا لا ريب فيه.
_____________________________________________________________________________________________

في ص 182 يبحث مالك بن نبي الصفة الأساسية الثانية للوحي وهي (الوحدة الكمية) للوحي

الوحدة الكمية

استعمل المؤلف في البداية معلومة رياضية حيث اعتبر الوحي ظاهرة منفصلة أي أن آياته المتتابعة تأتي منفصلة منجمة كما هو الكم المنفصل أي الأعداد وليس الكم المتصل أي المساحات أو جريان الزمن. فالوحي متكون من وحدات منفصلة متتالية هي الآيات الكريمات, ويستنتج من هذه الخاصية أنها توحي لنا كما يقول بالوحدة الكمية: "فكل وحي مستقل يضم وحدة جديدة إلى المجموعة القرآنية" كما هو الشأن في مجال المجموعات العددية في ميدان الرياضيات. غير أنه يقول مالك إن هذه الوحدة القرآنية ليست ثابتة كما هو الأمر في المجموعات العددية حيث تكون ثابتة عند إضافة أعداد جديدة إليها يقول: "فهي لا تماثل الوحدة التي تزيد في مجموعة الأعداد حين يضاف واحد إلى ثلاثة أو أربعة أو خمسة ليؤدي إلى الوحدة التالية). أي أن عملية الجمع هذه لا تنطبق على الآيات القرآنية حيث تبقى مستقلة لا تتحد في وحدة جديدة عندما تضاف آية بل تبقى كل منها محافظة على ما كانت عليه فالمسألة مجرد تجاور وليست إضافات وتكوين وحدة جديدة كما يقع في عملية جمع الأعداد أي إن للوحي هذه الصفة الرياضية للأعداد المنفصلة لكنه غير قابل للجمع مثلها.
يقول مالك بن نبي: "فإن للوحي مقياسا متغيرا هو: كميته أو سعته, تلك السعة التي تتراوح بين حد أدنى هو الآية, وحد أقصى هو السورة".
يستنتج مالك من هذه الخاصية للوحي أنها تتيح بعض الملاحظات المفيدة "عن العلاقة بين الذات المحمدية والظاهرة القرآنية), حيث تتناسب في الزمن يقول مع الحالة الخاصة التي أطلق عليها اسم (حالة التلقي) عند الرسول الكريم (ص).
يقول لقد لاحظنا -خاصة - أن إرادته -النبي- تنعدم مؤقتا, حيث يعجز في تلك اللحظات عن تغطية وجهه المحتقن المتصبب عرقا, وقد كان الصحابة يعرفون ذلك ويسارعون إلى تغطية وجهه الكريم, يقول مالك بن نبي: " فعن هذه الذات العاجزة فجأة - وللحظات - تصدر وحدة التنزيل, وعلى هذه الذات الغارقة في حالة لا شعورية تقريبا يطبع الوحي فجأة فقراته الوجيزة".
يقول مالك بن نبي هذه هي (وحدة الظاهرة القرآنبة) من ناحية الكم وهي التي يتولى دراستها بالنسبة إلى هذه الذات العاجزة مؤقتا, على اعتبار أنها -الذات المحمدية- هي (حاملة الوحي).
هذه الوحدة تؤدي ضرورة إلى فكرة واحدة وأحيانا إلى مجموعة من الأفكار "المنتظمة في أسلوب منطقي يمكن ملاحظته في آيات القرآن". تنتهي هنا ص 182 بعد إضافة المؤلف جملة "ودراسة هذه الفكر". نرجئ الخوض فيها إلى الموعد القادم ونكتفي بهذه الصفحة لمحتواها البالغ الأهمة ولما استعمله مالك بن نبي في تحليلها من أسلوب رياضي كما يستعمل في مواضع أخرى علوما أخرى للقيام بمهمته الجليلة هذه التي أفحمت الخصم وأجلت الحقيقة وأنهت صفحة من التكالب على دين الله الخاتم وقبرتها إلى الأبد, ذلك أن حجة الإسلام المعاصرة مالك بن نبي كان أقدر من خصومه منطقيا وعلميا وطبعا إيمانيا لهذا قضى على ادعاءاتهم الآثمة القضاء المبرم, ولعلنا أثناء الحوار نبرز هذه المعاني السامية أكثر بالتفاعل والاحتكاك الخصب للفهوم والتصورات والأفكار.
_________________________________________________________________________________________________
الوحدة الكمية (تابع)

رأينا أن مالك بن نبي استنتج خاصيتين للوحي هما: التنجيم والوحدة الكمية
لنفهم محتوى ص 183 يتعين علينا الرجوع إلى الفقرة السابقة عليها في ص 182
في تلك الفقرة كان مالك يتحدث عن وحدة الوحي وحدة عددية منفصلة كما وصفها لكن الآيات المتتابعة ليست كالمتواليات العددية في الرياضيات التي استخدها هنا فهي موحدة ليس بينها فجوات لا نهاية لها كما هو حال الأعداد في الرياضيات.
هناك الفكرة المستقلة التي ترد في آية كريمة لكنها في ذات الوقت تمثل حلة في السلسلة كلها منفصلة في وحدة رياضية منطقية شاملة منسجمة لا تناقض ولا اختلاف ولا تضاد بينها بل هي متكاملة ومتضامنة ومكونة وحدة تامة لا تعرف الانفصال رغم انفصالها الجزئي العددي إنها كالتنوع الموحد لنفس الأمر المنظم المتناغم المتفاعل المنسجم تماما.
هي في هذا التنظيم البديع المنسجم المتنوع داخل الوحدة التامة يقول مالك بن نبي (تكشف عن قدرة خلقة ومنظمة, لا يمكن أن تنطوي عليها الذات المحمدية). وهذا هو بيت القصيد الذي يريد مالك بن نبي الكشف عنه لما فه من قوة برهانية على صحة الرسول والرسالة وصدقهما ومصدرهما العلوي الرباني. هذه الذات المحمدية شبه المشلولة في حالة نزول الوحي وحتى في حالتها الطبيعية كما يضيف مالك بن نبي فما محمد إلا بشر مثلكم لا يقوى على إبداع هذا الوحي لا في حالته الخاصة المنفعلة عند نزول الوحي ولا حتى في حالته الطبيعية لأن محتوى الوحي يتجاوز قدراته الشخصية مهما كان كماله البشري وأيضا يتجاوز كل قدرات البشر وهذا التحدي للإتيان بمثله صرح به القرآن الكريم مرارا وتكرارا وهو لا يزال موجها إلى كل البشر بمن فيهم مفكرو الغرب العنصريون الحاقدون وعملاؤهم وأتباعهم فما عليهم إلا أن يأتوا بمثله إن أرادوا الحسم لصالح مزاعمهم المزيفة وإلا كان الحسم ضدهم كما كان ضد من زعموا نفس الزعم من قبلهم منذ اللحظة الأولى لنزول الوحي.
فالفكرة النازلة على محمد في كل مرة لم يفكر فيها ولا يستطيع أن يفكر فيها لا هو ولا غيره من بني البشر خاصة في الحالة الانفعالية الرهيبة التي يكون فيها حين نزول الوحي أو في غيرها من الأحوال العادية الطبيعية له, ثم ما القول في هذا النسق المنظم منطقيا ورياضيا هو في قمة التنظيم من يستطيع أن يجعله كذلك؟ والحال أنه نسق فكري لم ينتج عن تفكير منظم ممن نزل عليه.
يقول مالك بن نبي: "إن من الجلي أننا لا يمكننا أن نتصور ذلك في النظرة الأولى وفضلا عن ذلك, فلو افترضنا أن التفكير يحدث لا شعوريا ولا إراديا لدى فرد ما, فإن النبي على الرغم من هذا لم يكن لديه الزمن المادي كيما يتصور وينظم تعاليمه في البرهة الخاطفة للوحي".
ثم إن هذه التعاليم تعبر أحيانا عن أفكار لم تكن موجودة تماما في المعرفة السائدة في العصر الموحدي, وبالتالي فمن أين لمحمد حتى لو كان أعلم علماء ذلك العصر أن يأتي بها؟ فهي في ذلك لوقت مستحيلة التصور لدى أي إنسان, يقول مالك بن نبي [وسنورد نحن لذلك أمثلة  فيما بعد في فصل (موضوعات ومواقف قرآنية).]

يلح مالك بن نبي على أنه الان في طور دراسة وحدة الوحي وأنه يشعر بالحاجة إلى مزيد من الأدلة والبراهين على هذا الأمر الحساس, يقول: (أما الآن, فنحن نكون مقياسا لنحكم على صلة وحدة الوحي بالذات المحمدية.).
ثم يتفاءل المؤلف ويرى أنه بالإمكان التغلب على هذه الصعوبة حين نتوصل إلى إدراك وحدة التنزيل أو مجموع الآيات المتتابعة التي تسهم كل منها في تكوين فكرة موحدة, أي التنوع داخل الوحدة كما يقال, وفي النهاية يمكن لهذه الوحدة أن تظهر في الحد الأدنى أو العدد الأدنى من وحداتها أي آياتها فتبرز في آية واحدة, ويمكن أن يرتفع العدد إلى الحد الأقصى في صورة كاملة تكفي للبرهنة على وحدة الوحي المتعدد في وحداته أو آياته لكنه دائما ينتظم في وحدة تامة في آية كحد أدنى أو صورة كحد أقصى للتعبير الكامل عن هذه الوحدة المتينة المتنوعة في آياتها التي تساهم بتنوعها ذاته في وحدة الوحي. [نهاية ص 183] .. نتوقف هنا لنتناول الموضوع الجديد في المرة القادمة تحت عنوان [مثال على الوحدة التشريعية].
======================================================================================

مثال على الوحدة التشريعية

تحت هذا العنوان يبدأ مالك بن نبي ص 184
وذلك دائما في سياق الوحدة الكمية للوحي
فيلاحظ أن صورة النساء تمثل نموذجا تشريعيا للأحوال الشخصية
قول مالك بن نبي: (فالفكرة التشريعية التي نبحثها تكتمل في الآيات [ 22 - 25] ومن المحتمل أن تكون قد نزلت كلها مرة واحدة).
قول وبدقة بالغة لا ندرس هنا سوى الآية (22) وفيها يقول جل شأنه:
(حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا) [سورة النساء 23/04].

يعلق مالك بن نبي قائلا إن هذا نص أساسي يقرر في دفعة واحدة من الوحي تشريع الزواج بكل تفاصيله, ويوضح مسألة المحرمات من النساء, محددا حكمين جوهرين هما: الاستيعاب والتحديد الكامل لكل الحالات المذكورة في موضوع الزواج أو المحرمات من النساء, مصنفا لها يضيف مالك بن نبي تصنيفا منطقيا منظما بدقة, يقزل مالك: (وعليه فتعداد ثلاث عشرة حالة, وتصنيفها الواضح يستوجب ملابسات نفسية وزمنية متنافية مع خصائص الوحي).

ونتهي مالك بن نبي إلى أن النبي (ص) لم يهتم بتنظيم هذا الأمر الذي تفسيره في النهاية يعود إلى درجة القرابة كما يبين لنا ذلك المفكر الفذ فيما بعد بالتعامل مع ترتيب النص للحالات على هذا الأساس أي درجة القرابة والعلاقات الاجتماعية عموما
نتوقف هنا في نهاية ص 184 وننتظر إثراء الموضوع في السهرة فالمسألة هنا تتعلق بوحدة  التشريع ضمن وحدة الوحي كله أو الوحدة الكمية كما تناوله بها مالك بن نبي إنه دائما يرمي إلى البرهنة على صحة الرسالة والرسول ليفحم الخصم ويعيد إفحامه مستعملا العلم بانواعه والمنطق وهو الان يستعين بعلم الاجتماع ليجعل الخصم في حيرة من أمره فالقرآن الكريم يتجاوز معارف عصر النبي عليه الصلاة والسلام ويستحيل عليه أن يستعمل تلك المعارف التي لم توجد بعد وهذا إنما هو من قبيل الإعجاز العلمي في القرآن والوحي وحده هو الذي أعلم النبيي بتلك الحقائق فما رأي الغربيين وأتباعهم وعملاؤهم في هذا الحس المنطقي العلمي؟ بالطبع لا يستطيعون الصمود أمام هذه الحجج الدامغة والبراهين الساطعة ولقد قضى عليهم مالك بن نبي القضاء المبرم.
____________________________________________________________________________________________________

وحدة الكم كخاصية ثانية للوحي حيث إن الأولى هي التنجيم

الوحدة التشريعية (تابع)

كان مالك بن نبي قد ضرب لنا مثلا عن الوحدة التشريعية بمسألة الأحوال الشخصية فيما يتعلق بالمحرمات من النساء في الزواج ص184
ويواصل هذا الحديث في ص 185
يؤكد مالك بن نبي أن النبي (ص) لم يفكر ولم ينظم هذه الحالات الخاصة بتحريم الزواج من القريبات وتركها كما هي لدى نزولها وحيا
لأسباب يقول مالك بن نبي تتعلق بطبيعة الموضوع الذي لم تكن فيه معلومات أو معرفة منتشرة في ذلك الوقت عند الخاص والعام
فلم تكن المعرفة البشرية قد بلغت في أي فرع من فروعها إلى معرفة هذا الأمر كما هو معلوم اليوم مثلا من خطورة الأمراض الوراثية في زواج الأقارب وغير ذلك
كما يلاحظ المؤلف أن هناك أفضلية في القرابة وأسبقية بالنسبة للرجل على المرأة أو الزوج على الزوجة
والتحريم عامة مصنف حسب "درجة القرابة والترتيب النزولي" كما يذكر مالك في نهاية ص 184
ويقول المؤلف: "الأم والبنت, والأخت وبنت الأخ وبنت الأخت من القرابة المباشرة - والمرضعة - وأخت الرضاعة من القرابة الرضاعية, ولا يحل للمرء أن يتزوج أم امرأته, أو ابنتها أو أختها: فدرجة القرابة هنا مقيسة بالنسبة إلى المرأة".
يقول مالك يمكن ملاحظة أيضا في هذا التصنيف أفضلية رابطة الذكر على رابطة الأنثى فبنت الأخ تذكر قبل بنت الأخت, ورباط الزوج قبل رباط أو قرابة الزوجة أي أن الذكورة سابقة دائما في الترتيب عن الأنوثة الخ..
ويلاحظ مالك أن النبي (ص) لم بكن له فكرة عن هذا الموضوع قبل الوحي ولم يكن قد رتب الأمر المتعلق بهذه المسألة في نفسه كما أنه لم يفعل ذلك أثناء الوحي نظرا للحالة النفسية الصعبة التي يكون عليها في مناسبات تلقي الوحي.
ويستنتج المؤلف من هذا أن تفسير هذه القضية تفسيرا عقليا حسب المنهج الديكارتي العقلاني الصارم أمر مستحيل للسببين المذكورين
يقول مالك بن نبي عن هذا الإشكال المعرفي: "وإنا لمضطرون هنا -كما اضطررنا هنا لك- إلى أن نبحث للظاهرة عن تفسير خارج هذا النطاق".
بمعنى أن المنهج الديكارتي الذي يعتمده الدارسون الغربيون وتلاميذهم وأتباعهم العرب والمسلمون لا يكفي لتفسير مثل هذه الظاهرة "تحريم زواج الأقارب" في القرآن الكريم لأن المعرفة العلمية وغيرها لم تكن تسمح في ذلك الوقت بهذا التفسير مما يعني أن محاولات التشكيك لهؤلاء الدارسين لا أساس لها من المعرفة والمنطق ولا معنى لها .. نكون بهذا قد بلغنا نهاية ص 185 .. ويحسن أن نتوقف هنا لأن المؤلف سينتقل في الصفحة الموالية إلى موضوع جديد (الوحدة التاريخية) .. لكن دائما في نفس الموضوع العام وهو الخاصية الثانية والأخيرة للوحي (الوحدة الكمية) .. نأمل في تعميق الطرح والتوسع فيه وإثرائه أثناء الحوار والمناقشة في السهرة ..
___________________________________________________________________________________________________

متابعة موضوع الوحدة الكمية للوحي التي هي إحدى خاصيتين له عند مالك بن نبي حيث إن الخاصية الأولى هي التنجيم فيكون موضوعنا هذه السهرة:

مثال على الوحدة التاريخية  ص186
من كتاب الظاهرة القرآنية

يعمد مالك بن نبي إلى آية كريمة يراها مجسدة لهذه الوحدة التاريخية ويجزئها كالآتي لأن كل فقرة لها مدلول خاص يساهم بجانب في توضيح الوحدة التاريخية:
(1) [إذا جاءك المنافقون
(2) قالوا نشهد إنك لرسول الله
(3) والله يعلم إنك لرسوله
(4) والله يشهد إن المنافقين لكاذبون] (المنافقون 63/1)

يقول مالك إنه قسم النص إلى أربع أجزاء لندرس به نظام الفقرات
وبالنسبة إليه فإن الفقرة الأولى تظهر كما قال المسحة التاريخية للآية فيها .. حيث واقعة حضور النافقين بين يدي رسول الله (ص)
وهو حادث عادي يقول عنه المؤلف وفي مكانه التاريخي المناسب حيث جاء هو الأول في الآية
حيث إن الهدف العاجل كما قال من هذه الآية هو وصف كذب المنافقين وغدرهم فكان لا بد أن تصف الحادثة وهي أن المنافقين جاءوا إلى النبي
ثم تأتي الأفكار الموالية متسلسلة تسلسلا طبيعيا حسب درجة أهميتها, أي الانتقال من الفكرة الرئيسية إلى الأفكار الثانوية أو الجزئية في ترتيب تحليلي
يقول المؤلف خاصة في الأسلوب الخطابي كما هو شأن القرآن.
ثم يواصل مالك تحليل هذا الترتيب الخطابي للآية أو النص وينتقد الترتيب المقلوب كما قال بين الآيتين أو الفقرتين 3و4 ويفصل كل هذا في الصفحة الموالية والأفضل أن نتوقف هنا قبل نهاية ص 186 ليكون الأمر في الحلقة القادمة  مرتبا متكاملا غير مجزأ .. وبالتالي جيد الفهم .. وخلاصة الأمر في هذه الصفحة هو تحليل آية لها وظيفة تاريخية تتمثل في حضور المنافقين إلى مجلس الرسول (ص) عليه وسلم قاصدين الغدر والتوسل بالكذب. وكيفية معالجة الوحي لهذا الموضوع ذي الأهمية في المسار التاريخي للدعوة والمجتمع الناشئ ولعل مالك بن نبي كما يتبين من بعد كبشر ربما لم يكن باستطاعته تبين نية هذه العصابة وما يمكنها أن تلحق من ضرر بمسار الأحداث التاريخية لولا نجدة الوحي له وتنويره بحقيقة الأمر وهو أمر فيه جانب التأييد والدعم والمساعدة العلوية الخارقة للعادة وأيضا يدل على الوظيفة التاريخية الاستراتيجية المصيرية للوحي فلولاه لكان بالإمكان أن يأخذ التاريخ مسارا آخر وفي هذا الكثير من العبرة والإعجاز وعدم قدرة المنهج العقلي الديكارتي أو العلوم التي استعان بها الدارسون الغربيون وأتباعهم وتلاميذهم العرب والمسلمون على إجلاء الظاهرة القرآنية لأنها عصية عن الفهم للعقل وحده فهو لا يكفي لدارستها وفهمها كما هو شأن العلوم الطبيعية والإنسانية التي تقف عند حدود المحسوس أو النظري المعقول لكنها أي العلوم لا شأن لها بالروح وما وراء العقل وبهذا يتضح نقص المنهج والعلوم التي اعتمد عليها هؤلاء وعجزها عن تفسير الظاهرة القرآنية. ربما نثري الموضوع أكثر أثناء الحوار والمشاركة والإثراء في السهرة إن كان هناك من يهمه الخوض في هذا الأمر بجدية وبعيدا عن أي أفكار مؤدلجة مسبقة لا علاقة لها بما نحن فيه.
____________________________________________________________________________________________________

توقفنا في الجلسة الماضية قبل نهاية ص 186 لضرورة مراعاة تسلسل الأفكار فلنكمل هذه الصفحة أولا ثم ننتقل إلى ص 187 الموالية وقد نتجاوزها إن سمح الوقت واقتضى السياق ذلك

متابعة موضوع الوحدة الكمية للوحي التي هي إحدى خاصيتين له عند مالك بن نبي حيث إن الخاصية الأولى هي التنجيم فيكون موضوعنا هذه السهرة:

الوحدة التاريخية في سياق الوحدة الكمية للوحي (تابع)

في نهاية ص 186 يذكر مالك بن نبي أن الفكرة الرئيسية لهذه الآية الكريمة هي (أن يعلن غدر المنافقين وأن يكذبهم في مقالتهم) أي الوحي
وبهذا يكون ترتيب أفكار الآية هكذا: نهاية ص 186

في بداية ص 187 ذكر مالك بن نبي هذا الترتيب لأفكار الآية على أساس موضوعي :
(1) [إذا جاءك المنافقون
(2) قالوا نشهد إنك لرسول الله
(3) والله يعلم إنك لرسوله
(4) والله يشهد إن المنافقين لكاذبون]

بهذا الترتيب يقول مالك بن نبي تصبح الآية كاملة بالنظر إلى التركيب اللغوي العربي
لكنه يضيف فيما عدا القلب الذي طرأ على الجملتين (3) و (4)
ربما يرى أن الرابعة أسبق لغويا من الثالثة أو منطقيا أيضا .. سنرى ذلك
يقول لنردها إلى ترتيبها الطبيعي ولا ندري حتى الآن إن كان الترتيب الأول مخالفا للطبيعة أم أنها هي التي اقتضته على هذه الصورة وسيتضح ذلك حتما فيما بعد
يقول ومع ذلك نلاحظ أن الآية في ترتيبها الجديد ربما الذي قام به هو تتعرض إلى نقد في الصميم
حيث تكون برهانا خطيرا ضد القيمة العلوية للوحي
وذلك لأن معنى الفقرة (4) أصبح كله قد أصبح في الترتيب الجديد تكذيبا, لا لغدر المنافقين, بل لإقرارهم وشهادته بأنه رسول الله
ثم يصرح مالك بن نبي أن في الترتيب القرآني للأفكار دقة مذهلة وكأنه بذلك يناقض تحليله السابق للفقرتين وخاصة منها الفقرة الرابعة .. لكن لنتابع
يبرر قائلا لأن الفقرة (3) التابعة تؤكد أولا صحة رسالة النبي "وهو ما شهد به المنافقون" قبل أن يعلن الوحي كذبهم في الفقرة (4) الرئيسية
وهنا يظهر بيت القصيد في استنتاج مالك بن نبي الذي مفاده أن (هذا الترتيب الدقيق الذي يتميز بالعمق واليقظة البالغة يتنافى - كما يجب أن نكرر - مع الظروف النفسية والزمنية التي تبرق فيها "الوحدة الكمية" للقرآن, حتى كأنما هي ومضة خاطفة.)
تابع مالك بن نبي استنتاجاته المنطقية من هذا التحليل للآية الكريمة فيلاحظ أن الدقة البالغة في ترتيب الآيات تتنافي أيضا مع الإرتجال والتلقائية لأسلوب القرآن الكريم, الذي هو من الناحية الشكلية عرضا شفويا هو عادة لا تحظى فيه الفكرة بالزمن المادي الكافي للدقة المنطقية التي تكون في الخطاب المكتوب.
فالإنسان عندما يتحدث ليس لديه الوقت -كما يقول- لإدارة لسانه في فمه سبع مرات, والأسلوب الخطابي عامة معرض لزلات اللسان, لكنه عندما يكتب لديه الوقت الكافي لغمس القلم في الدواة سبع مرات, وبالتالي يكون لدى الكاتب من الوقت ما يكفي لتجنب الأخطاء الفكرية والمنطقية واللغوية والأسلوبية وغيرها (نهاية ص 187).
في ص 188
يختم مالك بن نبي هذا الموضوع أو الاستشهاد بالآية الكريمة كمثل على الوحدة الكمية قائلا: (فبحث الوحدة الكمية, تلك الومضة الخاطفة من الوحي, يبرو في آيات القرآن دلائل ترتيب وتفكير وإرادةـعجز عن تفسيرها في حدود المعلومات التاريخية, والنفسية, التي أثبتناها للذات المحمدية.)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://benabbimalek.forumalgerie.net
 
القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (24)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (21)
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (22)
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة (23)
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية " لمالك بن نبي ** عبد المالك حمروش ** الحلقة 25
» القراءة التحليلية في كتاب "الظاهرة القرآنية" لمالك بن نبي ** الحلقة 19 ** عبد المالك حمروش

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر :: الفئة الأولى :: القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية-
انتقل الى: