منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر

مالك بن نبي مفكر جزائري عالمي معاصر تمكن بدافع حماسه الإيماني العميق وبفضل تمكنه من المنهج العلمي المعاصر من تشخثص مشكلات الحضارة الإسلامية خاصة ووضع الحلول المناسبة لها ..
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 14 ** عبد المالك حمروش

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
مدير عام
مدير عام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 387
تاريخ التسجيل : 14/04/2013
العمر : 40

القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 14 ** عبد المالك حمروش Empty
مُساهمةموضوع: القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 14 ** عبد المالك حمروش   القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 14 ** عبد المالك حمروش Emptyالإثنين مايو 06, 2013 1:56 pm

القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 14 ** عبد المالك حمروش



ص 95


الظاهرة النفسية عند "أرمياء"



هذا النبي الذي يعتبره مالك بن نبي صاحب الكتاب الأفضل الذي لم يلحقه التزييف والتحريف
لذلك يعتبره الأنموذج الأمثل للدراسة لما قدمه من صورة أوضح وأصدق عن النبوة بوصفه الدقيق المفصل للظاهرة وسلوكه الشخص حيالها وتأملاته المرة فيها ومعاناته القاسية حيث يقول إنه أصبح محل سخرية من الجميع مضرا للصراخ كلما تكلمت متوعدا بما سيحل بالقوم من خراب فقد صارت كلمة الله مصدر عار لي وازدراء بي فإذا عزمت على ترك ذكره اضطرمت بداخلي النيران وعجزت عن مغادرة ذكر كلمة الله حيث أحاول إطفاء تلك النار الملتهبة في عظامي لكنني لا أستطيع(1)

هكذا يصف (أرمياء) حالته الداخلية التي نجد فيها ثلاثة عناصر مرتبة متميزة:
أولها: الألم النفسي المبرح بفعل التحقير والاستهزاء المسلط عليه

ثانيها: محاولته الفاشلة في التخلص من دعوته هروبا من المعاناة

ثالثها: عنصر الاضطراب الثابت والمعاناة التي تطبع الحالة النفسية كلها ويحاصر الحالة الباطنية للنبي وإرادته (كالنار المضطرمة) يعد مالك بن نبي هذا العنصر الأخير هو الجوهري في نفسية النبي. (انتهت ص 95).

واضح مما تقدم أن مالك بن نبي يريد بحنكة كبيرة إثبات غرابة ظاهرة النبوة عن الطبيعة الإنساني لذلك يعاني النبي معاناة كبرى عندما تنزل عليه الرسالة إلى درجة محاولة التخلص منها لأنها مما لا يطاق لكن حتمية خارجية غيبية تفرضها عليه فرضا واستشهادا بهذه الحالة التي وجدها واضحا في وصف النبي الإسرائيلي (أرمياء) يريد مالك بن نبي البرهنة على أن الحالة عامة ومتطابقة لدى كل الأنبياء ومن هذا يصل إلى إثبات البعثة الربانية التي أراد المستشرقون والمبشرون والمفكرون الغربيون الاستعماريون العنصريون وأتباعهم من المستغربين والمستلبين العرب والمسلمين أرادوا إنكار المصدر الإلهي للقرآن العظيم ونبوة محمد عليه الصلاة والسلام, ولأن المسلم متعالي عن هذه الترهات فإن مالك بن نبي يرد بالبرهان القوي المتعدد مستويات الحجج العلمية والمنطقية والمعجزاتية وغيرها دون أن يشكك في أي نبي كون الإسلام يعترف بهم جميعا وينزلهم المنزلة اللائقة بهم وتلك نفسها أقوى حجة يسوقها كون ظاهرة النبوة واحدة في جانبيها البشري الصعب والغيبي الحتمي الذي لا يقبل الجدل.

هكذا يقول ابن نبي يحدد (أرمياء) سلوكه في المستقبل نهائيا ذلك السلوك الذي هو جوهر حياة النبي من جهة محاولة التخلص من النبوة لكونها فوق طاقة البشر أو تكاد لكنها تبقى مفروضة على النبي بدافع داخلي مصدره الحتمية الغيبية الخارجية وهو كذلك رهيب كالنار المضطرمة بداخل النفس النبوية.

يأخذ مالك بن نبي مثالا على سلوك النبي من سيرة (أرمياء) عندما قصد (حنانيا) وهو مدعي النبوة إلى تحطيم الطوق الخشبي الذي حول عنق (أرمياء) قائلا: (هاك ما قال ما قال الله, وسأحطم هكذا نير ملك بابل) ... فأجابه (أرمياء) ببراءة وحسن طوية مدفوعا بإرادته الحرة: (آمين .... حقق الله ما تقول).

اختفى بعدها النبي أرمياء عدة أيام متخليا عن نشر دعوته ثم ما لبث أن ظهر مجددا وبطوق من حديد هذه المرة حول عنقه دلالة على عزمه الثابت الصلب في الاستمرار ناشرا دعوته الصعبة المرهقة, ومهما كانت أسباب هذا التوقف المؤقت عن دعوة النبي فالمهم أنه قد عاد مصمما بقوة على نشر رسالته.
فالعنصر القوي للنبوة ينفي ما عداه من العوامل النفسية ويبقى هو العنصر الذي ينظم له نهائي سلوكه في المستقبل. هذا العامل إذن له شيء من القهر على ذات (أرمياء), حيث ينتصر على مقاومته ويسيطر على حساسيته وينفي ثقته الشخصية في تنبؤ (حنانيا), ولو إلى حين, ثم إن هذا العامل هو الذي قمع ألمه عندما وضعه كاهن المعبد في (الفلقة) بتهمة التحريف, فقمع ألمه ماحيا الغريزة الأولى للمحافظة على النفس, عندما أيضا أدت بهه نبوءته المشؤومة يوما إلى أن يلقى في (البئر) حيث أشرف على الهلاك. (نهاية ص96)

كان هذا وصف للمشقة النبوية لأنها ظاهرة مغايرة للطبيعة البشرية للنبي يتلقاها من حتمية غيبية خارجية ولا يجد له منها فكاكا مما يدل بالمعايشة والملاحظة العملية أن النبوة أمر مفارق يأتي من خارج الطبيعة البشرية من مصدر غيبي يفرضها على النبي فرضا والذي لا يجد مفرا منها إلا بتكييف سلوكه الإرادي ليصبح فولاذيا مما يسمح له بمواصلة تبليغ الرسالة السماوية الشريفة.

يلاحظ مالك بن نبي أنه إلى جانب هذا القهر الرهيب الذي يعاني منه النبي هناك قهر آخر يتمثل في أحكام (أرمياء) على أحداث عصره, حيث حكم هذا النبي عليها بشكل مختلف تماما عن أحكام معاصريه, حيث كانت طريقته الثاقبة في ملاحظة الأشياء محل تصديق عجيب.

يتساءل مالك بن نبي عن مصدر هذا الصدق الباهر هل يعود إلى مواهب شخصية نادرة وقدرة هائلة على الاستنتاج وذوق نقدي نادر لمسار التاريخ؟

يقول ابن نبي إن النقد الحديث للتاريخ يفسر الأمر بهذه الطريقة, عندما يخص الأنبياء بموهبة معينة, لكن يبدو أن هذا الرأي العقلي (المنكر للوحي) قد فاته أن ما ينقص (أرمياء) كمثال للأنبياء هو الأساس العقلي للحكم على أحداث التاريخ, والأكثر من ذلك أن الانباء باعتبارهم مصادر لنبوءاتهم لم يرجعوا إلى منطق الأحداث, بل تجاوزوا هذا المنطق. لهذا يظهرون في نظر معاصريهم غير منطقيين في تفكيرهم, حيث إن هؤلاء المعاصرين يظهرون أكثر اتساقا مع العقل ويتخذون لأفكارهم أساسا مستمدا من أحداث التاريخ.

يضرب على ذلك مالك بن نبي مثلا هو حادثة تاريخية معينة تبين طريقتي التفكير لدى النبي وغيره ليظهر في النهاية أن المنطق ذاته هو تفكير النبي الذي كان هنا عبارة عن أمل مرجو للتحقيق في تولي شخص معين معول عليه للسلطة وقد كان ذلك بالفعل أي هو ما صدقته الأحداث التاريخية بالرغم من أنه كان يبدو غير مقبول عقليا قبل ذلك.

لقد عارض (أرمياء) منذ البداية هذا الأمل لدى بني إسرائيل حيث هون منه واعتبره حقيرا في مواعظه التشاؤمية وقد صدق التاريخ بطريقة عجيبة تشاؤم (ارمياء) إذ مات (مردوخ) الذي كانوا يتمنونه ملكا عليهم مقتولا.
فقد صدقت المفجآت تشاؤم النبي, لكن لا يمكن القول إنه تنبأ بمحض المصادفة. لكن هذا التشاؤم لم تكن بدايته نبوءة (أرمياء) بأحداث العصر
فمنذ (عاموس) والنذير ملازم للأمة اليهودية. يقول مالك بن نبي فليهدم بيت المقدس, فلم يزد (أرمياء) إلا تشديد النذير عليهم وقد شهد وقوعه بالفعل.
يريد مالك بن نبي أن يقول بأن النبوءة ليست عملا عقليا صرفا لكنها أساسا وحيا يوحى وهو لذلك الأصدق بشهادة الحوادث التاريخية مما يدل دلالة قاطعة لا جدال فيها على المصدر الغيبي لما يصدر عن الأنبياء من مواقف ورسالات بعثوا به إلى بني البشر ومن ذلك استنتاج أن القرآن الكريم كلام الله سبحانه وأن محمدا صلى الله عليه وسلم هو رسوله المبلغ الأمين مما يضيف حجة تسقط كل أباطيل ومزاعم أعداء الإسلام الأدعياء الاشقياء
.

الحلقة القادمة 15 بداية ص 99 في موضوع "خصائص النبوة"
______________________________________________________
(1) أنبياء بني إسرائيل ص 192 - 193 بالفرنسية لـ (أندريه لودز)
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://benabbimalek.forumalgerie.net
 
القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 14 ** عبد المالك حمروش
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 13 ** عبد المالك حمروش
» القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 15 ** عبد المالك حمروش
» القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي .. الحلقة 5 ** عبد المالك حمروش
» القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي .. الحلقة 6 ** عبد المالك حمروش
» القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 16 ** عبد المالك حمروش

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى مالك بن نبي فيلسوف الحضارة المعاصر :: الفئة الأولى :: القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية-
انتقل الى: