عبد المالك حمروش مدير عام
عدد المساهمات : 387 تاريخ التسجيل : 14/04/2013 العمر : 40
| موضوع: القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 13 ** عبد المالك حمروش السبت مايو 04, 2013 10:21 am | |
| القراءة التحليلية لكتاب الظاهرة القرآنية لمالك بن نبي ** الحلقة 13 ** عبد المالك حمروش أرمياء هذا واحد من الأنبياء الكثر الذين بعثهم الخالق سبحانه لبني إسرائيل في القرنين السادس والسابع قبل الميلاد لفساد ذلك العهد وتدهوره لدىيهم وقد جاء به مالك بن نبي كمثل للدراسة توضيحا لمسألة النبي في الأديان السماوية كلها في إطار دراسته الشاملة للظاهرة الدينية بقصد حسم الأمور علميا والانتهاء من المشاكل المزيفة التي أثارها المستشرقون والتبشيريون والمفكرون الاستعاريون وأتباعهم وتلاميذهم المستبلبون من أبناء العرب والمسلمين.
اعتبر مالك بن نبي هذا النبي "أرمياء" أحسن مثال واضح عن النبوة لتوضيح الأفكار العامة عن النبي وحالته النفسية وأيضا لكون هذا النبي الإسرائيلي هو الوحيد الذي تبثت صحة كتابه البريء من الزييف والتحريف .. وأيضا فهناك قصد من المؤلف للمقارنة بين النبوة وادعاء النبوة حيث أن كلمة "نبوة" وقع تحريفها فالزمن الإسرائيلي المذكور وأصبحت تعني أيضا مدعي النبوة من الدجالين والعرافين والمشعوذين الذين ضج بهم ذلك العصر الإسرائيلي أي القرنيين السابع والسادس قبل الميلاد.
كان هناك نوعان من الفكرة الدينية في ذلك العصر يتضحان لدى "أرمياء" و"حنانيا" هو استمرار فكرة التوحيد خلال الحركة النبوية كلها منذ "عاموس" إلى "أشعياء" الثاني وميزة النبي الحقيقي عن المحترف وقتها هي مقاومته الشديدة للإله القومي الخاص ببني إسرائيل كما كان يزعم الأنبياء المزيفون مما جعل هذا الادعاء الكاذب عقيدة شعبية حينذاك لديهم فالإله الواحد العام هو الشغل الشاغل الذي كان الأنبياء الموحى إليهم يعملون على فرضه لدى الناس باعتباره الحقيقة, وكانت آيات الوعيد الرهيب ولتهديد بهدم المعبد خادمة لفكرة التوحيد والإله العام لجميع البشر وليس الخاص بهم كما يزعمون.
أما موقف مدعي النبوة(انتهت ص 93) وهو أحد الانتهازيين التابعين للتيار الشعبي الذي لا علاقة له بالأخلاق والإلهام فهو التساهل والتملق واللين في عقائد ذلك العهد وحيث إنه لا مجال للحديث عن النبوة بعد محمد عليه الصلاة والسلام فإن ادعاء النبوة ظل مستمرا في جميع العصور وفي كل مكان تقريبا في الهند كما في فارس وأمريكا وغيرها. فالتمييز بين النبوة وادعاء النبوة يقوم على صفاتهما التاريخية ومبادئهما الفلسفية, فمهة النبي قائمة على مبدإ وثيق الصلة بحركة النبوة في التاريخ , وفي زمن مناسب لتلك الدعوة والمبدأ والتبليغ كما كان الأمر لدى "عاموس" الذي عاد يرعى كباشه في "تكوا"(1) في هدوء بعد تبليغ دعوته ووعيده المروع. أما مدعي النبوة فلا يبشر بمبدأ صحيح وإنما يكتفي بالإطناب في شرح رسالة النبي وإما بمعارضتها مبشرا, فحينما شدد "أرمياء" الإنذار والوعيد جاء "حنانيا" المدعي النبوة ليبشر بالتفاؤل والتساهل حتى أثر على النبي المتشائم مؤقتا, هكذا كان الوضع ولا بد من التمييز بين النبي ومدعي النبوة بهذا الشكل الحاسم حتى لا يختلط الأمر بينهما. هنا تنتهي ص 94 ومعها حلقة 13 لنستأنف في الحلقة 14 انطلاقا من الصفحة الموالية موضوعا بعنوان "الظاهرة النفسية عند أرمياء". ____________________________________ (1) قرية ا ندثرت من قرى فلسطين | |
|